وفي مقالة نشرتها له النسخة العربية من مجلة «فورن بوليسي (FP)» ، في عدد يناير/فبراير 2007، يقول أغتميل «اليوم، فإن بلدان الأسواق الناشئة تشكل 85 في المئة من سكان العالم ولكنها تولد 20 في المئة فقط من الناتج الإجمالي الوطني العالمي. ولكن، بحلول العام 2035، ستكون اقتصادات الأسواق الناشئة مجتمعة أكبر من اقتصادات الولايات المتحدة، أو أوروبا الغربية، أو اليابان، وبحلول منتصف القرن الجاري، ستتضاعف تقريبا. إن حقيقة العولمة، التي يجري هضمها ببطء وتردد ليس إلا، هي أن الاستعانة بموارد خارجية تعني أكثر من الحصول على (عمالة رخيصة) تكدح في أماكن بعيدة في مناجم، ومصانع، ومراكز اتصال لحساب الشركات الغربية. ولكن في الغرب، يتشبث قادة الأعمال والمسئولون الحكوميون بفكرة أن شركاتهم تقود العالم في التكنولوجيا، والتصميم، والبأس التسويقي».
ويضيف أغتميل قائلا إن «نمو شركات الأسواق الناشئة لم يكن بأقل من المذهل. ففي العام 1988، كانت هناك 20 شركة فقط في الأسواق الناشئة لديها مبيعات تصل إلى المليار دولار. والعام الماضي، كانت هناك 270 منها، بما فيها ما لايقل عن 36 شركة لديها مبيعات تتجاوز الـ 10 مليار دولار. وفي العام 1981، كانت القيمة الإجمالية لجميع الأسهم المدرجة في بورصات الأسهم في الأسواق الناشئة تبلغ 80 مليار دولار. وكان ذلك أقل من رسملة السوق العائدة لأكبر شركة في الأسواق الناشئة، (سامسونغ) في العام 2002.»
ويخلص أغتميل إلى القول إنه «خلال ربع القرن الماضي، ارتفع إجمالي رسملة السوق العائدة للأسواق الناشئة مجتمعة إلى أكثر من خمسة تريليونات دولار. وقبل 25 عاما، كان المستثمرون في الحافظات (الاستثمارية) يستثمرون أقل من بضع مئات من ملايين الدولارات في شركات الأسواق الناشئة. أما اليوم، فإن التدفقات الاستثمارية السنوية إلى الحافظات (الاستثمارية) بقيمة تربو على الـ 60 مليار دولار تشكّل الطليعة المتقدمة لهذا الاتجاه. وان 58 من الشركات المدرجة على قائمة مجلة (فوربز) لأبرز 300 شركة عالمية هي من الأسواق الناشئة، والكثير منها أكثر ربحية من نظيراتها في الغرب. إن العصر الذي لاتكون فيه شركات الأسواق الناشئة أكثر من صانعة غير متطورة للمنتجات ذات الكلفة المتدنية، والتي تنطوي على مستوى متدن من التكنولوجيا قد انتهى».
ولكن بعيدا عن اجتهادات أغتميل، تُرى ما هو تعريفنا للأسواق أو الدول الناشئة؟. كما أشرنا سابقا خرج علينا أغتميل بالتعبير في مطلع الثمانينات، لكن انتشر استعماله على نطاق واسع في التسعينات. ومن الواضح أن هناك أكثر من زاوية يمكن النظر من خلالها إلى الدول أو الأسواق الناشئة. والمداخل الأكثر تبسيطا ترى أنها « تلك الأسواق التابعة لدول غير مصنفة متطورة». والمقصود بالمتطورة هنا هي دول أوروبا والولايات المتحدة واليابان. لكن هذا تعريف سلبي إلى حد بعيد لايفيد في تحديد نطاق الأسواق الناشئة.
مدخل آخر وربما أكثر عدالة من الناحية السياسية والحضارية، هو ذلك الذي شاع في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي والذي استخدم تعبيرات مثل «الدول الأقل نموا، أو «دول العالم الثالث». أما البنك الدولي فهو يقيس الدول الناشئة بمقدار إجمالي الناتج القومي.
أما مجلة «الإيكونومست» البريطانية فتنشر في لقائها الذي أجرته مع محررتها للشئون الآسيوية بام وودال في عددها الصادر بتاريخ 14 سبتمبر/أيلول 2006 فتشير هي الأخرى صراحة إلى تعدد التعريفات، وتذهب إلى أبعد من ذلك فتطلق على بعض تلك الدول مثل الصين والهند على أنها «أسواق تستعيد مكانتها التي فقدتها في القرن التاسع عشر بعد اكتشاف آلة البخار وحين تصدرت بريطانيا الدول الصناعية». وتستشهد وودال بالمؤرخ الاقتصادي أنغس ماديسن (Angus Maddison) «الذي يقدر أن تلك الدولتين كانتا تنتجان ما يربو على 80 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي في ذلك الوقت، لكنهما تخلفتا إلى الوراء بفعل بالثورة التقنية التي اجتاحت أوروبا، ومن بعد ذلك بأول موجات العولمة التي اجتاحت العالم. وأدى ذلك إلى تراجع حصتهما من الناتج الإجمالي العالمي إلى 40 في المئة فقط».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1803 - الإثنين 13 أغسطس 2007م الموافق 29 رجب 1428هـ