طالب صحافيون بإلغاء عقوبة الحبس من قانون الصحافة والطباعة والنشر، كما رفضوا أن تكون هناك رقابة مسبقة على الصحافة والمطبوعات، أو اتخاذ أي قرارات إدارية إزاء العمل الصحافي.
وأكد الصحافيون كذلك ضرورة أن يشعروا بأن القانون الموضوع على طاولة البحث ليس أحجية يجب أن يطول أمد حلها وتفكيك ألغازها، وخصوصا في دولة مثل البحرين تتميز بتقدم تشريعاتها.
وفي هذا الصدد، أكد رئيس لجنة الحريات العامة في جمعية الصحافيين البحرينية محمد السواد أن تزايد القضايا والشكاوى ضد الصحف والصحافيين في استمرار، في الوقت الذي تزداد فيه المخاوف من تطبيق بعض البنود التي تحبس أو تحيل الصحافيين إلى قانون العقوبات.
وقال: «إن الجهاز القضائي وبحسب تصرفاته يمارس صلاحياته القانونية - أي بما يسمى تقديرات القاضي- في صالح الصحافيين، إذ اننا نلاحظ أن الإدانات قليلة جدا في حق الصحافيين، على رغم ارتفاع معدل الشكاوى خلال الفترة الأخيرة».
وأكد السواد أن الإحصاءات التي قامت بها لجنة الحريات في جمعية الصحافيين أشارت إلى أن هناك 4 قضايا صحافة ونشر دخلت المحاكم خلال العام 2004 وارتفعت إلى 9 قضايا في 2005 و11 قضية في 2006، وبلغت حتى يونيو/ حزيران من العام الجاري 11 قضية.
وقال: «مازلنا ننتظر إقرار القانون الجديد الذي نتمنى أن يُطبق فيه شرطان أساسيان هما إلغاء الحبس وعدم إحالة الصحافي إلى قانون العقوبات»، آملا أن تقر فيه المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها قوانين الصحافة في الدول المتقدمة، والتي ترفض أن تكون هناك رقابة مسبقة على الصحافة والمطبوعات، أو اتخاذ أي قرارات إدارية إزاء العمل الصحافي.
كما طالب السواد بأن يكون القضاء هو المرجعية المختصة بكل الإجراءات المتخذة إزاء الصحافة، وإلغاء العقوبة الافتراضية عن رئيس التحرير، وان يكون قانون الصحافة هو قانون الاختصاص في قضايا الفكر والنشر والتوزيع.
فيما ينظر الصحافي سعيد محمد إلى المراحل التي مر بها قانون الصحافة من زاوية أخرى، إذ يشير إلى أن السجال الطويل الذي شهدته المداولات منذ العام 2002 حتى الآن تعكس جانبا حساسا للغاية، وهو أن المجتمع البحريني يسير بثقل في اتجاه إكمال مؤسسات المجتمع المدني وترسيخ أسس احترام القانون في دولة القانون، لافتا إلى ما اعتبره «خللا واضحا في تتالي حلقات العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبين القطاع الصحافي والإعلامي في البلاد»، وهو ما ترك أثرا سلبيا في تعزيز علاقة «الأدوار» التكاملية بين كل تلك الأطراف ما خلق حالا من عدم الثقة كانت صورتها الأكثر وضوحا هي «الإعلان» عن تقديم صحافي للنيابة العامة بين الفينة والأخرى.
وأضاف محمد أنه من المهم تأكيد حتمية وجود قانون ينظم عمل هذا القطاع المهم بالصورة التي تواكب التطورات التي يشهدها الإعلام في العالم كله وليس في البحرين فحسب، فإن وضعنا في الحسبان هذا الأمر، سندرك خطورة الإعلام بدرجة أعلى، على مستوى إقليمي، وبدرجة أعلى على مستوى محلي فيما يتعلق بحقوق الصحافيين لضمان بيئة آمنة للعمل بكل حرية واطمئنان.
أما فيما يتعلق بالآمال المعقودة على مناقشة القانون في دور الانعقاد المقبل، فأكد ضرورة أن يشعر الصحافيون حقيقة بأن القانون الموضوع على طاولة البحث ليس أحجية يجب أن يطول أمد حلها وتفكيك ألغازها، وخصوصا في بلادنا المعروفة بالتقدم في سن التشريعات، آملا أن تكون بنود القانون رافضة للرقابة المسبقة على الصحافة والمطبوعات وعدم فرض قرارات إدارية على المؤسسات الصحافية، والتصدي لعقوبة سجن الصحافيين واعتبار القضاء هو المرجعية المختصة بكل الإجراءات المتخذة إزاء الصحافة.
وقال: «لقد ولى زمن تدخل متنفذ أو أحد الرؤوس الكبيرة في محاسبة ومساءلة الصحافي بمكتبه وتهديد لقمة عيشه، كما يجب الوضع في الاعتبار أن للمجتمع حقوقا يجب أن تكون حاضرة. فمطالبتنا بإيجاد قانون متطور ومنظم للعلاقات في قطاع الصحافة والطباعة والنشر لا يعني أن تفتح الثغرات لمن يريد الإساءة للأديان والمعتقدات والحريات الشخصية وحقوق الآخرين في التعبير، ويتجاوز حدوده باعتباره كاتبا ليهزأ بدين أو بطائفة أو يغرق الرأي العام بأفكار غير سوية ليبرز كبطل قومي تاركا المجتمع في أزمة حقيقية».
أما الصحافي محمد الغسرة فاعتبر أن مشروع قانون ما تقدمت به لجنة «قانون الصحافة» التي تم تشكيلها بعد فترة التوقيع على الميثاق في العام 2001 برئاسة ولي العهد، كان كافيا لإصدار قانون للصحافة من الممكن أن يعتبر من أفضل القوانين في العالم العربي، ولاسيما أن اللجنة كانت منتقاة بعناية ودرست عدة قوانين في العالم واختارت ما هو مناسب للبحرين ويتناسب وتاريخ الصحافة في هذا البلد، مبديا أسفه على تجميد المشروع وتطبيق قانون آخر لا يتماشى ورحلة الإصلاحات في البحرين.
وقال: «نأمل أن نحصل على قانون يتناسب وتاريخ البحرين الصحافي. فالصحفيون هم بشر قبل أي شيء آخر، وهم حريصون على ألا يفقدوا وظائفهم، كما أن لهم آراءهم الخاصة. والادعاء بأنهم موضوعيون تماما يفترض أنهم لا يؤمنون بالقيم. ويجب أن يكون الموضوع نفسه غير متحيز ونزيه»، معتبرا ذلك سببا لجعل الصحافي وخصوصا في البحرين على أبواب المحاكم بشكل منتظم وخصوصا مع قانون المطبوعات الحالي.
أما نائب رئيس نادي المراسلين محمود النشيط فانتقد فرض عقوبة الحبس على الصحافي، مطالبا باقتصارها على الغرامة المالية فقط، معتبرا أن لفظة «تجريم» في القانون ربما تجعل من قانون الأحكام الجنائية ساريا على الصحافي.
وقال: «الممنوع والمباح في النشر من شأنه أن يحد من مسيرة الصحافي، ولابد من وجود تشريعات تتعاطى مع مهنة الصحافي بموضوعية من دون أن تخنقه، إذا كنا ننشد فعلا الوصول إلى الصحافة المستقلة».
كما أشار النشيط إلى أن المادة التي تناولت مسئولية المؤسسة الصحافية عن كتاب الأعمدة والمقالات فيها تعتبر مطاطة، إذ إن كل القضايا التي رفعت على الصحافيين البحرينيين بسبب مقالاتهم، تم تحميل الكاتب والصحيفة على حد سواء، داعيا إلى الاقتداء بدول المغرب العربي في هذا المجال التي لا تحاكم المؤسسة الصحافية مادامت قد أشارت على صفحاتها إلى أن مقالات كتابها لا تعبر عن رأي الصحيفة.
ووصف النشيط تعامل النواب مع مشروع قانون الصحافة بالمتفاوت، مبررا ذلك بقلة إدراك البعض منهم للدور الحقيقي المتكامل الذي يمكن أن يؤديه الصحافي، معلقا: «بعض النواب يعرفون الصحافي متى ما مدحهم ومتى ما انتقدهم وقفوا ضده».
العدد 1803 - الإثنين 13 أغسطس 2007م الموافق 29 رجب 1428هـ