انتقد رئيس لجنة الخدمات في مجلس النواب علي أحمد فصل الصحافة الإلكترونية عن قانون الصحافة، مشيرا بذلك إلى اقتراح الشورى بشأن قانون الصحافة، وقال عن سجن الصحافي: «آن الأوان لإزالة سجن الصحافي إلا في حالات نادرة، تتعلق بمس ذات الملك والذات الإلهية والعقيدة الدينية».
ومع توقعات إحالة الاقتراح بقانون بشأن الصحافة والمطبوعات والنشر المقدم من مجلس الشورى وتعديلات الحكومة على مرسوم قانون «47»، أشار أحمد إلى أن نسبة الـ10 في المئة التي تودع في خزينة الدولة بعد الترخيص للصحيفة، إنما هي حجر عثرة لإصدار الصحف، داعيا إلى إزالة المعوقات لانشاء الصحف، وخصوصا إذا كان إصدار الصحيفة لا يتعارض والقانون.
ر ئيس لجنة الخدمات علي أحمد أجاب على أسئلة «الوسط» بشأن قانون الصحافة الذي من المتوقع أن يحال إلى لجنته:
ما هي توقعاتكم لسيناريو إحالة القانون إلى المجلس النيابي؟
- كل ما نسمعه أن هناك اقتراحا بقانون مقدم من مجلس الشورى ووافق عليه المجلس، وفيه تعديلات على القانون، ناهيك عن توقعات أن تأتي الحكومة ببعض التعديلات، لكن نتوقع أن يحال إلينا اقتراح الشورى الذي هو الاقتراح نفسه الذي أحيل في الفصل التشريعي الأول ووافقت لجنة الخدمات على بنود عدة منه.
ما هي التعديلات التي تأملون أن تحال إليكم على القانون من قبل الحكومة؟
- أعتقد أنه آن الأوان لأن تعدل الكثير من القوانين، ومن بينها قانون الصحافة، وكما هو معروف فإن كل قانون يجب أن يعدل كل خمس أو عشر سنوات، وبعض القوانين استمرت أكثر من 20 عاما، وخصوصا القوانين ذات العلاقة بالأمور التي حدثت لها تطورات سريعة، يجب أن تعدل كل خمس سنوات.
قانون الصحافة قديم نوعا ما، ويجب أن يتغير ويواكب المستجدات في البلد، وأبرز هذه الأمور فتح المجال ووضع معايير واضحة للترخيص لصحف جديدة، واعطاء الصحافة والصحافيين حرية أكبر.
ومعالجة القضية التي يطالب بها كل الصحافيين في أنحاء العالم ألا وهي قضية سجن الصحافي، لأن الصحافي يحتاج إلى أن تكون له ضمانة في كل ما يكتبه وينقله ويتابع عن طريق المحاكم.
لكن أعتقد أن من الأمور المهمة جدا في القانون إيجاد كيان وجسم قوي للصحافيين، يكون له دور في توحيد الكيان الصحافي والتحدث عنه، والتجربة البحرينية تبين أن هناك خلافا في وجهات النظر بين الصحافيين، وهذا يحتاج إلى توحيد الصفوف ووضع آليات لدخول الصحافي في مجاله، ففي بعض الدول لا يكون الصحافي صحافيا إلا بعد مروره بمراحل تدريب وامتحان قبل منحه رخصة لمزاولة المهنة، مثلما يطبق في مصر، فالطبيب لا يستطيع قبل تخرجه من مهنة الطب أن يزاول المهنة وإنما يمر بتدريب ومرحلة امتحانات ومن ثم يقبل بوصفه طبيبا، ومهنة الصحافة لا تقل خطورة عن مهنة الطبيب الذي إذا أخطأ فقد يؤذي إنسانا واحدا، بينما حين يخطئ الصحافي فقد يؤذي أناسا أكثر.
لذلك يجب وضع أطر وقوانين لمعنى الصحافي، وألا يكون صحافيا إلا بعد المرور بسلسلة من المراحل، وفي هذا الإطار نحتاج إلى بنود تبين كيفية اختيار الصحافيين.
كلجنة خدمات، هل ستقترحون إضافة مثل هذه البنود في قانون الصحافة حين يحال إليكم؟
- باعتباري رئيس لجنة، آمل أن يكون هناك إثراء للقانون، وأن يتم الاستماع إلى وجهات نظر الجهات المختصة الرسمية والأهلية والصحافيين الذين قضوا فترة طويلة في مهنتهم، ومن ثم فإن القرار بتبني هذه الآراء سيكون متروكا للجنة والمجلس. ولكن آن الأوان لإزالة عقوبة السجن عن الصحافي إلا في حالات نادرة، تتعلق بمس ذات الملك والذات الإلهية والعقيدة الدينية، وتجربة الكويت في هذا المجال تعتبر تجربة جيدة.
ما رأيك في إخلاء مسئولية رئيس التحرير مما يكتب من أعمدة رأي في صحيفته وفقا لما جاء في اقتراح الشورى؟
- في الفصل التشريعي السابق، كنا نرى أن قضايا الرأي تقع في جزأين، الجزء الأول يتعلق بالأخبار، وهذه الأخبار لا يكفي أن يكتبها الصحافي، من دون أن تكون في نطاق مسئولية رئيس التحرير، إذ قد تكون ملفقة. أما فيما يتعلق بعمود الرأي الشخصي، فبعض الصحافيين قد يكونون أرقى مستوى من رؤساء التحرير، فكيف يكون لرئيس التحرير سلطة في أن يقول له قل كذا ولا تقل ذاك، لذلك يجب أن تقع المسئولية على كاتب المقال.
وهناك مسألة محورية في كثير من الدول أن كاتب الرأي لا يصل لمرحلة كتابة مقال إلا بعد مضي سنوات طويلة، وهذا ما نفتقر إليه في دولنا، فالمقال اليومي يحتاج إلى تجربة طويلة في الصحافة، لذلك فإن أصحاب المقالات والرأي يجب أن يكونوا مسئولين مسئولية كاملة عما يكتبونه.
ماذا عن فصل الصحافة الالكترونية في اقتراح الشورى عن الصحافة المطبوعة؟
- الصحافة الالكترونية بدأت تأخذ مكانها بقوة، وخصوصا في أوساط الشباب، إذ لها تأثير كبير جدا عليهم، بل أعتقد أنها وإن لم تلغِ الصحافة المكتوبة مستقبلا، فسيكون لها تأثير كبير على قطاعات واسعة في المجتمع.
لذلك أعتقد أن من الضروري وضع أطر قانونية تعالج هذه القضايا، وخصوصا أنه لم توجد في السابق جرائم انترنت في قوانين العقوبات، وبعض الدول بدأت وضع أطر قانونية لمعالجة الجرائم، وبالتالي لابد من وضع إطار قانوني يعالج هذه القضية.
وأعتقد أن فصل الصحافة الإلكترونية عن قانون الصحافة غير صحيح، وكان من الأفضل لو تم تخصيص فصل كامل في قانون الصحافة بشأن الصحافة الإلكترونية.
اقتراح الشورى أعطى الصحافي حرية الحق في الحصول على المعلومات والإحصاءات والأخبار من أي جهة حكومية أو رسمية أو مؤسسة عامة، وطالب ممثلي الجهات الحكومية والرسمية والمؤسسات العامة بتمكين الصحافي من ممارسة هذا الحق وتسهيل مهمته وإتاحة المجال له، وهذا بخلاف ما جاء عليه قانون «47» الذي اشترط أن ينشر الصحافي الأخبار المباح نشرها طبقا للقانون ومن مصادرها...
- ككتلة تقدمنا باقتراح بقانون في قضية حرية الحصول على المعلومات، ومن باب أولى أن يكون هذا من حق كل مواطن والصحافي أولهم، لأن الشفافية في المعلومات أكبر مقاوم للفساد، ففي كثير من الأمور من حق المواطن عموما الحصول على المعلومات، ولكن هناك قضايا قد تكون سرية لابد من أن نتفق عليها، كالأسرار العسكرية والأسرار الشخصية للناس، وخصوصا أن هذه الأمور حماها الدستور، إلا في حال ارتأت المحكمة عكس ذلك.
هل تؤيد ما جاء به القانون «47» بحظر تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكم بما لا يؤثر في مسار التحقيق أو المحاكمة إلا بأمر قضائي، وهو الجانب الذي لم يجوز الاقتراح منع الصحافي منه؟
- قضية المحاكم شائكة ومعقدة، هناك نقاش كبير جدا في العالم العربي بين مشرعين وصحافيين، فأخبار المحاكم في بعض الأحيان من الضروري جدا نشرها، وفي أحيان أخرى تضر، فهنا أعتقد أنه لابد من وضع أطر تبين متى يجوز ومتى لا يجوز النشر، فإذا كانت القضية تمس أشخاصا وليست قضية عامة، فهل يجوز ذكرها أو لا يجوز، وخصوصا أن حكم المحكمة لم يصدر بعد؟ هذه القضايا لابد أن تأخذ وقتها في الدراسة ولا يستعجل اصدار القرار بشأنها.
ماذا عن مضمون المادة في القانون التي تفرض على المرخص له في إصدار الصحيفة أن يودع خزينة الوزارة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الموافقة على الترخيص ضمانا نقديا أو مصرفيا لا يقل عن 10 في المئة من رأس المال المدفوع؟
- مثل هذه المبالغ تمثل حجر عثرة لاصدار الصحف، لذلك نحتاج إلى ازالة المعوقات لانشاء الصحف، وخصوصا إذا كانت الصحيفة لا تعارض القانون بل تطبقه، وإذا كانت حجة الحكومة ضمان حقوق الموظفين، فإن هذه الحقوق مضمونة مع وجود تأمينات اجتماعية.
مسألة إصدار الصحف بحاجة إلى أن توضع في اطر معينة، ولكن لا يمكن وضع العوائق، ولا نريد أن يكون من لديه نقود فقط هو من يتكلم في الاعلام، إذ إن وضع هذه الشروط يعني أن فئة معينة تستطيع أن توجه الرأي العام لأن لديها مالا لتبدي رأيها، نأمل أن تكون حرية الكلمة متاحة للكل.
ألا تأملون في أن يكون في قانون الصحافة ما يكفل تأسيس الصحافة الحزبية؟
- في كل الدول هناك صحف حزبية، وباعتباري رئيس لجنة أعتقد من ناحية المبدأ أنه لا مانع من تأسيس الصحافة الحزبية للجمعيات السياسية، المحك الرئيسي هو الالتزام بقانون الدولة والدستور، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أنه ليس بالضرورة أن كل ما يحصل في العالم ينفعنا، وهل تتحمل البحرين فتح المجال لهذه الصحف؟ وهنا يمكن الحديث عن البقاء للأصلح.
العدد 1803 - الإثنين 13 أغسطس 2007م الموافق 29 رجب 1428هـ