العدد 1802 - الأحد 12 أغسطس 2007م الموافق 28 رجب 1428هـ

وزارة التربية... مرة أخرى

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الكاتب مسئولٌ عن كل كلمةٍ يكتبها، ولكنه ليس مسئولا عمّا يفهمه الآخرون منها بالخطأ، أو ما يعلّق به القرّاء في الموقع الإلكتروني للصحيفة، الذي يترك فضاء أرحب للقرّاء ليعبّروا عن آرائهم ووجهات نظرهم.

هذه مقدّمة لابدّ منها مع إعادة الحديث عن وزارة التربية والتعليم، بعد أن أثار الحديث السابق تعليقات كثيرة ومريرة من المتضرّرين من السياسة التربوية، وبالمقابل استنفارا وفزعة في الجهة الأخرى (غير المتضرّرة)، وهو ما يؤكّد الهواجس السابقة التي تكلمنا عنها، بوجود مخاطر «طائفية» تستوجب قرع الجرس.

إننا نعيش اليوم استقطابا طائفيا حادا في البحرين، ومن غير الصحيح الهرب من مواجهة هذا الواقع، وهو واقعٌ أصبح يتغلغل إلى أعمق أعماقنا وأدق تفاصيل حياتنا. وقد أوصلتنا العصبية السياسية إلى أنْ نسأل عن مذهب الإنسان الذي يقف أمامنا، ولا نسأل عن موقفه أو كفاءته أو أخلاقه، فإذا كان من طائفتنا أدخلناه في قلوبنا وحاز على تزكيتنا، وإلاّ... فالنار واللعنة والعذاب!

حين تحدّثت عن ارتهان وزارة التربية لـ «تيار سياسي» معيّن، يتصرّف في مناهجها وسياسات توظيفها وإداراتها ولم أتكلم عن طائفة أو مذهب، فإنما للتحذير من عواقب ذلك على مستقبل الوطن وحراكه الاجتماعي، والتراجع عن أهم منجزات الدولة الحديثة، وهو «ديمقراطية التعليم». ولا يغيّر من جوهر المشكلة لو كانت «الوفاق» أو «وعد» تتحكّم في الوزارة وفق نظرة حزبية ضيّقة؛ لأن سياسة «الاستئثار» الحزبي تقتل الحوافز والطاقات.

لو كان الوضعُ غيرَ معبأ بالألغام الطائفية، لما تطوّع البعض للدفاع عن الوزير، الذي لم نتهمه شخصيا بما يعيب، بل طالبناه بالتحرّي في وضع وزارته، وتصحيح الأخطاء فيها إنْ وجدت، خصوصا مع ورود أسماء توحي باعتماد «محاصصة» مذهبية وعرقية معينة، وتواتر الشكاوى بشأن البعثات العليا. ولا يعيب الوزير النعيمي أنْ يحقّق في الأمر ويكشف للرأي العام الحقيقة، وسيسرنا أنْ تكون الشكوك باطلة.

لو كانَ الوضعُ غيرَ ملوّث طائفيا، لما احتجنا إلى الكتابة مجدداَ، فما يجري من أخطاء في وزارات معينة لا يبرر الأخطاء في الوزارات الأخرى. ومن المحزن حقا أنْ نتكلّم عن وزارات شيعية وأخرى سنية، في بلدٍ كان الأجداد فيه يرعون عوائل جيرانهم (من مذاهب أخرى) حين يخرجون إلى الغوص أو السفر للحج، فأصبح الأحفاد يتأثمون من شرب كوب ماء. وإذا تكلّم أحدهم عن «التربية»، ردّ الآخر مذكّرا بـ «الصّحة»، وإذا أشار أحدٌ لـ «العمل» ذكّروه بما يجري في «التنمية الاجتماعية».

الحديث عن التربية يتجاوز التحنّن والتفضّل والتكرّم بتوظيف عدّة مئات من المواطنين العاطلين الذين أفنوا سنوات في الدراسة الجامعية، وعليهم الانتظار سبعة أعوام لتطحن أفئدتهم البطالة وتحطم أحلامهم ومستقبلهم، بدعوى عدم النجاح في الامتحان أو المقابلة، في وقتٍ يُوظّف فيه غير البحرينيين من دون مقابلة أو امتحان. وإذا أعجزتهم المبرّرات قيل إن مستواهم ضعيف، ونسوا أنهم من خريجي جامعتنا الوطنية والجامعات الخليجية الشقيقة، ولم يشتروا شهاداتهم الجامعية من المريخ، وأي ضعف لديهم يعني فشل مخرجات نظامنا الجامعي في الخليج.

لسنا ندافع عن توظيف مَنْ ليس مؤهلا للتدريس، ولسنا ندافع عن أخطاء الوزارات الأخرى المحسوبة على هذه الفئة أو تلك، بل نحن ضد هذه التقسيمة الطائفية التي يُراد فرضها على البحرين لتكون واقعا، وضد هذه «المحاصصة» التي تنخر في جسم الوطن، ودعوتنا واضحة إلى وطن حر يحترم هويته، ولا يشعر فيه أبناؤه بالغربة والضياع والظلم، واستيراد مستشاري سوءٍ طفيليين لتعميق إقصاء المواطن ومحاربته في رزقه. نريد أن ننتهي من معزوفة «وزارتنا» و«وزارتكم»، وألاّ يصل الناس إلى مرحلة الكفر بشيء اسمه «الوطن»، والغرق في أحضان الطائفة والجماعة والقبيلة والتيار. وصلت الرسالة... أم لابدّ أنْ نعيد؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1802 - الأحد 12 أغسطس 2007م الموافق 28 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً