العدد 1802 - الأحد 12 أغسطس 2007م الموافق 28 رجب 1428هـ

الأسواق الناشئة (1 / 5)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما إن تحل أزمة بأسواق البلدان المتطورة التي يسميها البعض «مجموعة الثمانية» والبعض الآخر يوسع من دائرة الدول التي تنضوي تحتها فيرفع عددها إلى13، حتى تحتل الحيز الأكبر في الأوعية الإعلامية بمختلف أشكالها وهيئاتها تعبيرات مثل « الأسواق النامية» أو «الإقتصادات النامية». ولكن حل مكان هذه الأخيرة تعبيرات جديدة مثل «الأسواق الناشئة» أو «الإقتصادات الناشئة».

وقد بدأنا نسمع هذه التعبيرات خلال الأزمة التي عصفت بالدولار أخيرا، وامتدت كي تطال قطاعا لابأس به من الإقتصاد الأميركي الذي بدأ يعاني من تراجع في معدلات النمو.

لكن قبل التحول نحو الحديث عن هذه الأسواق أو الإقتصادات الناشئة، من الأهمية بمكان معرفة الشخص الذي كان وراء صوغ هذا التعبير. إنه رئيس ومؤسس إدارة الأسواق الناشئة أنطوان فان أغتميل. و يقول أغتميل في كتابه «عصر الأسواق الناشئة» الصادر في العام 2007، عن دار النشر «Free Press» حين كنت في مؤسسة التمويل الدولية وقمت بالتوصل لمصطلح «الأسواق الناشئة» في العام 1981، لم تكن توجد استثمارات حافظة أجنبية في الأسواق الناشئة. وقد كانت الفكرة تتمثل في إعطاء اسم يرفع من شأن ما أسميناه في الأصل «صندوق العالم الثالث». واليوم، ثمة إمكانات ضخمة في القطاع الخاص في هذه الدول، سواء كنت مستثمرا في الأسواق أو مؤسسة تنمية تتطلع لتقليل الفقر».

والأمر الذي دفع أغتميل إلى استخدام هذا التعبير عوضا عن تعبير «العالم الثالث»، وحسبما ورد في ذلك الكتاب، هو انه « في سبتمبر/أيلول 1982 كنت ألقي محاضرة في المقر الرئيسي لشركة سالمون بروذرز (Salmon Brothers) في نيويورك من أجل ترويج فكرة صندوق للعالم الثالث... وانصب الحوار على أن بلدان العالم الثالث تنعم بنسب نمو أعلى... كان هناك مابين 20 - 30 من مدراء شركات عملاقة معروفة مثل جي بي مورغان... الذين بدت على وجوهم سمات التشاؤم أو عدم الإكتراث... إلى أن برز من بين الصفوف فرانسيس فينلي من جي سي مورغان قائلا (يحمل ما قلته أفكارا جميلة وجذابة ، أيها الشاب، لكن لن يكون في وسعك ترويجها أو بيعها طالما استخدمت تعبير صندوق العالم الثالث)... شعرت حينها مباشرة أن لديه الحق فيما يقول... وخلال عطلة الأسبوع اعتكفت بحثا عن مخرج ورحت أقدح زناد فكري إلى أن توصلت في نهاية الأمر إلى صوغ تعبير الأسواق الناشئة».

وتتوزع مواد الكتاب على عدد من الفصول التي قسمها الكاتب إلى ثلاثة أجزاء رئيسية هي:

العولمة لاتعرف حدودا، السلالات الجديدة : خمس وعشرين عشرة شركة ناشئة متعددة لجنسيات، وإنقاذ المستثمر.

ويفرد أغتميل ملحقا خاصا في نهاية الكتاب يضمنه « الأداء المالي بمعايير عالمية لـ 25 شركة من الأسواق الناشئة». من بينها شركات مثل «هونداي» للصناعات الثقيلة الكورية الأصل، و«إنفوسيس» للتقنيات الهندية المنشأ، وبيتروباس البرازيلية.

لم يكن أغتميل وهوالخبير بشئون العالم الثالث يتحدث من فراغ حين كان يدعو للتوجه نحو «الأسواق الناشئة»، فحينها كانت توقعات مؤسسة التمويل الدولية أن يتراوح معدل النمو الاقتصادي في الدول النامية بين 5,5 و5,9 في المئة في العام 2006، إلا أن هذا الرقم المشجع يخفي إمكانات مهمة غير مستغلة... إذ يتراوح حجم الأنشطة الاقتصادية في الاقتصاد «غير الرسمي» الذي لايتم الإبلاغ عنه أو تنظيمه أو دفع ضرائب عنه في العالم النامي بين 40 إلى 80 في المئة. وأشارت المؤسسة إلى أن الأبحاث الجارية التي ترعاها مع البنك الدولي من خلال تقرير ممارسة أنشطة الأعمال تظهر حاليا أن الإجراءات الروتينية وتأخير الطلبات تمثل عائقا كبيرا في خلق الوظائف والنمو الاقتصادي في الاقتصاد الرسمي في العديد من الدول النامية.

ويعد الكتاب تحليلا رائعا للشركات الناشئة متعددة الجنسيات والتي ظهرت كجيل جديد ليتحدى شركات رائدة عالميا فاجأت منافسيها الغربيين... بحيث صارت الأسماء التي نألفها اليوم أمثال «آي بي إم»، «فورد»، «سوني»، و«شل» تواجه خطر أن تصبح ماضيا أو ضياعها في غيابات النسيان إذ استطاع هؤلاء النجوم البارزون الجدد الهيمنة على الأسواق العالمية.

ويدلل أغتميل على صحة ما قاله بشواهد مثل «لجوء الغرب كل عام إلى شراء عدد أكبر من طائرات «إمبرير» البرازيلية وثلاجات «هاير» الصينية وهواتف «إتش تي سي» الواردة من تايوان الخلوية. ويتساءل أغتميل كيف وصلت هذه الشركات المجهولة نسبيا إلى الأسواق العالمية بهذه السرعة؟ فما الذي ينجحون فيه ويفشل فيه منافسوهم الغربيون؟ هذا ما يسأله أغتميل رجال الصناعة الغربيين.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1802 - الأحد 12 أغسطس 2007م الموافق 28 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً