ما بين صراع «الإسلام» و«العلمانية» توقيت مفقود. فالخطابان المتخاصمان يدوران في حلقة مفتوحة حد أن لا حدود نقف عندها، أو حتى عليها. هذا هو الحديث في الهواء الطلق، والصراخ من دون أن يكون ثمة للصوت «صدى» فضلا أن يكون له ردة فعل أصلا.

الإسلام قوي بمناصريه، والعلمانية تستقوي بما تبقى لها من رمق. وما بين «القوة» و«الرمق الأخير» تقر بنا نزاعات «الفراغ» مرة أخرى، تلاحظون منذ البدء أنها مجرد حلقة مفتوحة، ومضيعة للوقت.

البحرين التي للتو عرفت ثنائية الإسلام والعلمانية، أو على الأقل تذكرت. والمعارضة التي للتو فطنت إلى حلفائها «الكفار»، أو على الأقل تعرفت. والسلطة التي تخلصت من ليبرالييها، أو على الأقل تنكرت. الجميع هنا مشغول بحصار «العلمانية» وتتبع «العلمانيين». وإذا تجاوزنا خيار «الدولة»، الذي تبرره بأن علمانييها، أصبحوا بلا منفعة في زمن الثنائية الطائفية، تركن البحرين والمعارضة في فلسفة الفراغ أكثر، وأكثر.

وخلاف الانشغال عن الملفات الكبرى/ المعلقة/ المؤجلة، يبدو سقوط الخيار العلماني الوحيد الذي دعمته الوفاق في الانتخابات الأخيرة، وخذلانها فيه، السبب الكافي، والذي يبدو مبررا مقبولا لأن تكون العلمانية، بما حملت وأنجبت هدفا للانتحار السياسي حد «الموت للعلمانية» والدعاء بسقوطها!

تبدو هذه المعارضة تعيسة حتى في استكمال مشروعات فشلها، وهروباتها الكبرى، وتستحق بالفعل أن تنظر لها بالشفقة أولا، وبالكثير - المُبرر - من اليأس ثانيا. هذا المعارضة أيضا، المشغولة بتجربة آخر تجاربها السياسية - راجعوا تقرير التوصية بالمشاركة لجمعية الوفاق الذي استند لجزئية تجربة المشاركة بعد فشل تجربة المقاطعة - قبل أن تقع في تجارب/ أخطاء جديدة لا تستثمر أي فرصة سانحة لتدلل على طفولتها السياسية إلا واستثمرته أنجع استثمار. وبما يضمن المزيد من «التأجيل»، و«التأجيل»، و«التأجيل»، ولعل لعبة التأجيل هذه تحديدا، هي أجمل ما حمله التصاق «الدين» بـ «السياسة».

يحتاج البحرينيون/ المؤجلون دائما، أن تنتهي معركة «الإسلام» و«العلمانية» القديمة الجديدة بنصر كبير، أو يحتاجون لـ «ترقيعة» جديدة تفك الحبال التي تشابكت، ليتسنى لهم بعد ذلك العودة لأحضان الملفات الكبرى لمطالعة «الأبطال»، والتنبؤ، والمراهنة على أي التجارب القادمة سيكون «التأجيل» الجديد.

وخلاف أن يكون البحريني قادرا على «الصبر» و«التأجيل» أكثر، فعليه، أن يموت.