العدد 2266 - الثلثاء 18 نوفمبر 2008م الموافق 19 ذي القعدة 1429هـ

«عصمة الوزراء»... و«برلمان» ممنوع من الصرف!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

مجلس النواب يفض الجلسة الأسبوعية احتجاجا على غياب الوزراء، والحكومة: الوزراء غير ملزمين بالحضور!

هذا العنوان لا يناسب بلد يتعلم «ألف، باء» المشاركة الشعبية، فضلا عن بلد يتوق الى وضع سياسي كما في الديمقراطيات العريقة!

باختصار ما جرى يوم أمس (الثلثاء) في مجلس النواب أمرٌ مسيء ومخجل ومعيب وخارج عن حدود اللياقة واللباقة في تعامل الحكومة مع النواب الذين ذهب الناس في يوم ممطر ليصوتوا في صناديق الاقتراع لهم.

إن استمرار تعامل الحكومة مع النواب المنتخبين بهذا المستوى سيجعل الناس يؤكدون عزمهم على عدم التصويت مجددا في الانتخابات البلدية والنيابية المقبلة.

هناك إحباط كبير لدى الناس، سببه عدم استجابة الحكومة لنبض الشارع، فبصرف النظر عن الدستور والتقسيم الانتخابي، فإن حتى هذا المجلس المخلوق بالطريقة الحكومية لا تحترمه الحكومة.

عدم احترام الحكومة لهيبة البرلمان يعني عدم إقامة وزن لمن انتخب هؤلاء النواب، مؤسف جدا أن تفقد الأمة اعتبارها في نظر الحكومة.

طوال أعوام مضت، نسمع يوميّا عن «تأكيد على التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية»، ولكن السلوك اليومي للحكومة على الأرض يسير في اتجاه مضاد تماما.

إذا كانت السلطة ليست مستعدة لمن حتى يسألها - ولا نقول يحاسبها - فلماذا دفعت باتجاه المشاركة الشعبية؟.

السؤال - كما يعرفه القانونيون - هو أدنى مراتب المراقبة البرلمانية لعمل الحكومة، ومع ذلك فمجلسنا النيابي ممنوع حتى من هذه المهمة، ليس من حقك أن تسأل، هل هذا هو منطق العقلاء وهل هذه هي عين الحكمة؟

ما حدث أمس، مؤشر خطير مفاده الاستهانة بالسلطة التي يفترض أن تكون لها السيادة وليس العكس.

كل يوم يتعزز لدينا أن السلطة لا تستوعب المحاسبة، نسمع كلاما جميلا، ولكن لا محل له من الإعراب، وهذا يرسخ النظرة القائلة إن هذا المجلس ليس مجلسا للحل والعقد، ولا هو المجلس الذي ناضل من أجله الشعب، ولا هو المجلس الذي بسببه زهقت أرواح.

الحكومة مطالبة اليوم بالاعتذار عما حصل، وهذا أدنى ما يمكن القبول به، وإلا فالأولى هو عدم استمرار السلطة التنفيذية بهذا النهج من التعاطي المؤلم مع ممثلي الناس.

المفرح يوم أمس، أن النواب - بجميع كتلهم وانتماءاتهم وطوائفهم - وضعوا يدهم بيد ليقولوا: كفى عبثا وكفى استهانة بالسلطة التشريعية، وهذا التلاحم النيابي يبشر بأمل أن يكشر البرلمان عن أنيابه.

خلال الأسبوعين الماضيين أنجز النواب جهدا كبيرا، في كل اللجان، وخصوصا لجان التحقيق، وبدأ المجلس يكشف بعضا من السرقات في الأراضي والبحار، وبدأ النواب بدورهم الوطني في المحاسبة، وبالطبع فإن مشهد التوحد بين الكتل يزعج البعض، الذي لا يسعد إلا بتفرق المجلس إلى كتل وأصقاع وأشلاء مبعثرة.

الورقة الأجدى لدى النواب لمواجهة هذا القرار الحكومي الخطير هي أحد خيارين لا ثالث لهما: إما استقالة جماعية أو بقاء يتبعه أذى، وإذا اختار النواب البقاء فليستجوب كل وزير يستهين بمكانة السلطة المنتخبة، في قبال سلطة غير منتخبة.

نوابنا مطالبون بوقفة جادة... حسنا فعلتم يوم خرجتم من قاعتكم احتجاجا على الاستهانة بكم، ولكن ذلك لا يكفي، أمامكم الكثير لتفعلوه حتى تثبتوا جدارتكم في تمثيل الأمة وتطلعها نحو الخيار الديمقراطي.

لا استطيع أن ألوم كل الحكومة، لأننا عرفنا أن هناك مِن الوزراء مَن هم مغلوب على أمرهم، ولكن عتابنا للحكومة، وهي التي اتخِذ فيها هذا القرار غير الدستوري وغير السوي.

يبدو أن «العصمة» قد انتقلت إلى الوزراء، فلا أحد بعد اليوم من حقه أن يسال وزيرا، لأنه معصوم من الزلل، ولأنه يترفع عن أن يقف أمام ممثلي الأمة.

هل هذا هو عقاب لمشاركة الشعب في القرار؟ غريب أمركم... عجبا من «قبة» لا يحق لها أن تسأل

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2266 - الثلثاء 18 نوفمبر 2008م الموافق 19 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً