حينما يصبح التطرق إلى الوضع العراقي محفوفا بالمخاطر ومحكوما بكثير من القيود الاعتبارية التي تأخذ في الحسبان تداعيات كل كلمة يكون لها صدى على الوضع في المنطقة شعوبا وحكوماتٍ، فإن الحقيقة ستضيع في هذه الظروف.
فالحساسية المفرطة في تناول الملف العراقي مخافة الاتهام بالعمالة الأجنبية حينا وبالطائفية حينا آخر، تزيد من الواقع سوءا على ما هو عليه من التردي، إذ إنه يتيح المجال للمهووسين والعازفين على مآسي المظلومين، الذين لا يضرهم سقوط الضحايا بشكل يومي بين قتيل وجريح بقدر ما يهمهم الظهور الإعلامي والاستعراض الخاوي لمفاهيم لا تعمل أدنى ثقل على أرض الواقع إلا في ذاكراتهم التي عفا عليها الزمان واستفحل السرطان فيها، فتراهم يجدون سعيا في عرض ما تكنه صدورهم من غل ضد أي نجاح شعبي في تحديد المصير، وتتصاعد عقيرتهم أكثر حينما يتم تجاهلهم بسب معزوفتهم المملة واسطوانتهم المخرومة.
فالحقيقة التي لابد أن يسعى إليها الجميع في معرفة استمرار العنف اليومي في العراق تتطلب إقصاء أية خلفية طائفية أو ايديلوجية سياسية؛ لقراءة المسألة بعين واعية يحكمها العقل الإنساني الفطري الذي لم يتلطخ بعدُ بأدران الفئوية أو الحزبية أو الطائفية.
فالأبرياء - الذين تزهق أرواحهم وتمزق أجسامهم وتهدم بيوتهم على رؤوسهم من فعل العبوات الناسفة والهجمات الانتحارية أو من الغارات التي تشنها طائرات الاحتلال «الأنجلو- أميركي» أو من رشاشاته التي لا تفرق بين مسلح أو مدني - يطالبوننا بموقف مشرف لا يزيد على جروحهم جروحا أخرى!
إقرأ أيضا لـ "احمد شبيب"العدد 1801 - السبت 11 أغسطس 2007م الموافق 27 رجب 1428هـ