على امتداد يومين كاملين عكف المؤتمر على تفحص العلاقات العربية الأوروبية أو كما عرّفها المؤتمر العلاقات الأوروبية - المتوسطية - الخليجية، وللإحاطة بمختلف جوانب هذه العلاقات فقد نُظِّم المؤتمر بحيث تعقد ثلاث جلسات عامة للقضايا الشاملة، واجتماعات لمجموعات العمل المتخصصة السبع، وجلسة ختامية يتم فيها استعراض أعمال مجموعات العمل وقراءة توصيات المؤتمر.
أولى الجلسات العامة تناولت مسار برشلونة للشراكة الأوروبية المتوسطية وتحدث فيها الأمين العام للمنظمة العربية للعلوم والثقافة والفنون المنجي بو سنينة والسفير الإسباني لشئون المتوسط لوسيو جواريتو ومدير مؤسسة آن لنده لحوار الحضارات سنيني فلورنس، ومن خلال استعراض المحاضرين الثلاثة فإن الشراكة الأوروبية المتوسطية حققت تقدما فيما يتعلق بتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية وخصوصا بالنسبة إلى الدول المغاربية مع الدول الأوروبية المتوسطية وخصوصا إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، ولكنها أخفقت عموما في أن تشكل محركا لتحولات ديمقراطية وتقدم في مجال حقوق الإنسان في الدول العربية المتوسطية كما أن دور منظمات المجتمع وخصوصا في الدول العربية المتوسطية لم يكن فعالا وطبعا لم يكن شريكا للحكومات في صوغ السياسات والمشاركة في تنفيذها.
الجلسة العامة الثانية عن تحالف الحضارات. وتحدث فيها مستشار الملك المغربي محمد السادس (أندريه ازولاي)، والمفكر الفرنسي (دومنيك بوديس).
عرض أزولاي مفاهيم سائدة ولكنها خاطئة وهي أن الدين وخصوصا الدين الإسلامي هو مشكلة، وأكد أن الأديان الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية تعايشت على أرض الأندلس بطريقة خلاقة وأنتجت واحدة من أروع الحضارات. كما فند أطروحة صراع الحضارات. ثم انتقل إلى سر المشكلات الملتهبة في المنطقة وفي مقدمتها أفغانستان والعراق وفلسطين، إذ إنه لو حلت جميع مشكلات المنطقة فإن المشكلة الفلسطينية كفيلة بتفجير النزاع مجددا لما لها من محورية في تفكير العرب والمسلمين. وعرض (أزولاي) ما أسماه «الكتاب الأبيض» ويتضمن مشروعا يتقدم به عدد من الشخصيات المستقلة البارزة ذات طابع دولي لحل هذا الصراع ويقوم على مبدأ دولتين مستقلتين متجاورتين تعيشان بسلام بكامل السيادة لكل منهما، وأنه سيُجرى التقدم بهذا المشروع إلى الأمم المتحدة لتبنيه على أن يوضع جدول زمني لإجراءات إسرائيلية وفلسطينية متبادلة تؤدي إلى حل النهائي.
ولكن المفكر الفرنسي دوبريه تساءل عن الذي يجعلك تثق بأن «إسرائيل» ستنصاع لهذا القرار على حين أنها تجاهلت مئات القرارات الدولية ومازالت تحتل أراضي العرب وتشن العدوان عليهم من وقت إلى آخر وتمنع قيام كيان فلسطيني مستقل؟ ولم يملك (أزولاي) جوابا حاسما سوى ما طرحه بالتمسك بالأمل.
أما المفكر الفرنسي مدير معهد العالم العربي بباريس (دومنيك بوديس) فقد عرض رؤيته لما يتوجب عمله في الجولة الثالثة من الحوار في الإسكندرية في ديسمبر/ كانون الأول 2007. اقترح دومنيك ان تتم إقامة بنية رسمية للحوار للتعاون الأوروبي - المتوسطي - الخليجي وتشارك منظمات المجتمع المدني بفعالية في بنية هذا التعاون وآلياته.
ثم تحدث عن معهد العالم العربي بباريس الذي أنشئ بمبادرة من الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران، والذي أضحى مركز إشعاع للحضارة العربية والإسلامية ليس في فرنسا فقط بل في أوروبا ويشمل نشاطه عددا من العواصم العربية كذلك.
وأشار إلى مؤسسات مشابهة مثل مؤسسة الثقافات الثلاث في إشبيلية وفرع جامعة السوربون في أبوظبي والجامعة الفرنسية في القاهرة. ودعا إلى إقامة معاهد عربية مشابهة للمعهد العربي في العواصم الأوروبية وبالمقابل معاهد أوروبية في البلدان العربية.
ونوه إلى أن أسباب النزاعات لا تعود فقط إلى أسباب مادية كالنزاع على الأراضي أو المياه أو الموارد، وإنما أيضا بسبب تنازع الأفكار والقيم والتصورات تبع ذلك نقاش شارك فيه دوبريه وآخرون، عبروا عن شكوكهم في إمكان نجاح أية مبادرة دولية أهلية في ظل افتقاد الإدارة الدولية الضاغطة على «إسرائيل» وفي ظل اختلال القوة بين العرب و «إسرائيل» وانحياز كامل للولايات المتحدة إلى جانب «إسرائيل» وتذبذب الموقف الأوروبي وضعف معسكر السلام في «إسرائيل».
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 1801 - السبت 11 أغسطس 2007م الموافق 27 رجب 1428هـ