المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع السفير الهندي في المنامة بالكريشنان شتي قبل فترة وجيزة أوضحت قضايا مهمة بالنسبة إلى عوامل قوة الهند التي تحتفل هذه الأيام بمرور 60 عاما على استقلالها. فالسفير الهندي أشار إلى أن الهند أصبحت واحدة من أنجح الدول المستقلة في العصر الحديث، بعد أن كانت في الماضي تتكون من عدة مئات من الممالك والاقطاعيات المتفرقة، ولأن القرون التي سبقت الاستقلال كانت تتميز بانعدام العدالة الاجتماعية والاقتصادية، فقد ركزت على تحقيق العدالة ومأسستها وإصدار التشريعات الخاصة بها. ومن تلك التشريعات إصلاح الأراضي وإعادة توزيعها على أبناء الشعب الهندي.

فقد أشار السفير إلى أن جده كان من بين ملاك الأراضي في الهند، وأن الدولة اخذت تلك الأراضي وعوضته ضمن خطة وطنية آنذاك، وقال إنه سعيد بأن يرى العدالة الاجتماعية تتحقق حتى لو عنى ذلك خسارة عائلته لأراض شاسعة. كما تحدث أيضا عن حركة خيرية قادها عدد من ملاك الأراضي الذين بادروا من أنفسهم بإعادة الأراضي إلى الناس بحسب معادلات اتفق عليها سياسيا.

وأضاف السفير إلى أن تنوع الهند اعتبر مصدرا للقوة بدلا من اعتباره سببا للتفرق, وفي الهند حاليا توجد 18 لغة رسمية، والهنود استفادوا من التعليم الحديث ومن قوة اللغة الإنجليزية ومواد الرياضيات والعلوم، والنمو الكبير الذي تشهده مناطق من الهند في السنوات الاخيرة جاء بفضل المستوى المتطور لمصادر التعليم.

ومن عوامل القوة الهندية - بحسب السفير - هو سيادة الساسة المدنيين على القوات المسلحة، فإحدى المشكلات التي وقعت فيها دول أخرى استقلت بعد الحرب العالمية الثانية هي سيطرة العسكريين والأمنيين على مفاصل الدولة، أما بالنسبة للهند، فإن العسكريين يخضعون للساسة المدنيين، وهؤلاء بدورهم يخضعون للشعب عبر الانتخابات.

وإذا كان الهنود استطاعوا أن يحققوا هيبة لبلدهم من خلال قبولهم بالتنوع فيما بينهم، ومن خلال عدالة اجتماعية فيما يتعلق بملكية الأراضي الشاسعة، وفيما يتعلق بالإقبال على التعليم الحديث، فإنه بإمكان أي أمة أخرى أن تكون لها هيبة لو استخلصت الدروس الماثلة أمامها.

إن الانفتاح الثقافي وقبول الرأي الآخر، حتى لو كان مزعجا، من سمات الهند التي تحتفل هذا الأسبوع بمرور ستين عاما على استقلالها.