العدد 2266 - الثلثاء 18 نوفمبر 2008م الموافق 19 ذي القعدة 1429هـ

سبَّحت غَيطون وهمّت بسرقةٍ

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

سبَّحت غيطون وهمَّت بسرقةٍ

فاحذرك من غيطون حين تسبِّحُ

بيت شعر نسمعه يتردد على لسان الآباء والأجداد، ويطلق على من ينافق الناس ويَضمر عكس ما بداخله، ويتحرَّش بالآخرين تحت ستار الدين، ويغطي نفسه بعباءة الحشمة والخُلُق الحسن.

ما أكثر هؤلاء الناس الذين يُخرِجون مسابيحهم في العلن، وتراهم داخل جحورهم أنفسا هشّة تستلذ بالشهوات والمحرَّمات، ولا يستحون أن يظهروا شخصية الدكتور جاكل والسيد هايد، الذي تراه بالنهار ذلك الدكتور الوقور الهادئ، وأما بالليل فإنه ذلك العفريت اللعين الذي لا يطاق من سوء تصرفاته.

تلك الشخصية المصنوعة على يد أحد مبدعي الكتب الهوليودية المؤلف روبرت لويس ستيفنسون، عن رائعته «القضية الغريبة: الدكتور جاكل ومسترهايد» في العام 1886، أي منذ 122 سنة مضت.

وبالرجوع إلى غيطون، فإننا لاحظنا الكثير من الناس يستخدم عباءته، لتضلّه عما يصنعه في الخفاء، وتستر عليه ظلمات الحقد والسرقة والتزوير، وفي بعض الأحيان يظنها الناس بأنها طاقية الإخفاء تخفي عيوبهم وتشوّهات قلوبهم.

وغيطون هي من حزاوي أيام زمان، تحكي لنا الكثير من العبر والقيم التي لا تتوافر عند البعض، وتتناول قصة امرأة معروفة بداء السرقة وخفَّة اليد، في حين أنها كانت تسبح «قائمة قاعدة»، وتذكر الله في كل شطر من حياتها، وما إن تخرج المسباح وتسبِّح، يتخابر الناس عنها بأنّها ستهم بسرقة أحد البيوت.

وتطلق هذه الحكمة الجميلة على كثير من الناس في مجتمع الدولة، فمنهم من يتلبّس بلباس الدين ليضر جاره، ومنهم من يحافظ على شكله في سبيل تغطية سهراته ومتعه، ومنهم من يستجيب لهذا الشكل لتغطية اعتدائه على حرمة أهله وبناته!

ولو تفرّعنا أيضا في إطلاق لقب غيطون على أحدهم، فإننا لا بد أن نتكلم عن ذلك الذي وظّف عددا من في حملة الحج لديه، ليعملوا معه في دائرته، ويخدموه كما يُخدم الإمبراطور في إمبراطوريته، فهذا يدفع الباب عنه وهذا يحمل حقيبته، وهذا يوقف الناس ليمر سيّده - لا سيدنا -، فهو غيطون في لحيته وشاربه وعباءته ويسرق أرزاق الناس بتوظيف من يسوى ومن لا يسوى!

إن مجتمع الدولة يجب أن ينتبه من أضرار هؤلاء الغيطونيين، ولابد له من الانتباه باستشراء هذا المرض الغيطوني المثير، فالتفسّخ المجتمعي والخلل في النظام الاجتماعي، كلّه ينصب وراء وجود هؤلاء الفطريات، التي تؤثر على الأجيال المقبلة.

فبعدما كنا نسمع عن الوطنية والوحدة والقومية، أصبحنا نسمع: اخدم مصالحك ودوس على الناس اللي ما يهمونك، ونافق هذا وصادق هذا، ترى لي كبر ولدك بيفيدك بقطعة أرض، أو لقمة عيش أو منصب حساس في الدولة.

ليس هذا ما نريده في مجتمع الدولة، وما هذا الذي نتمناه لوالد الخير حمد بن عيسى آل خليفة، الذي فتح لنا مجال الوحدة والسلم والتعايش، وضرب لنا مثالا بنفسه، ودخل قرى البحرين ومدنها، ووقر في قلب كل غيور على تراب هذا الأرض.

نتمنى أن نتكاتف لنكن كالبنيان الواحد ضد أي غيطوني، يدخل أنانيته وحبه لنفسه وكرهه للناس وحقده على نجاحات غيره ونسبها له، وخير علاج هو التصدي له ولأمثاله الذين يعيقون نجاح الدولة وتفوّقها في كل المجالات

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2266 - الثلثاء 18 نوفمبر 2008م الموافق 19 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً