خلق الله الإنسان وميزه عن سائر مخلوقاته بالعقل الذي وجد لمعرفة جزء من الحقيقة إن لم تكن الحقيقة كلها، وهذه الجزئية الجميع متفق عليها وحولها، ولا يوجد عاقل في العالم يقول غير ذلك.
ولهذا فعلينا التفكير أولا وعن طريق العقل والعقلانية التي تقول ان ما يدور في وسطنا الرياضي حاليا لا يعدو كونه اجتهادا فرديا وشخصيا من هذه الشخصية أو تلك، فالفوضى والعشوائية مازالت تعم رياضتنا، والقوانين واللوائح المنظمة لهذه اللعبة أو تلك غائبة أو مغيبة بفعل فاعل أو من دونه.
وإن لجنة التطوير التي تمارس عملها حاليا من أجل تطوير كرة القدم البحرينية عليها أولا اكتشاف أبعاد تلك القضية للوصول إلى الحقيقة التي يترقبها شارعنا الرياضي، ومن الأفضل أن نكتشف الحقيقة «وهي مكشوفة» أصلا، وأن نبادر لحل جميع المعضلات والأخطاء التي أصبحت متراكمة حتى غطت الجبال؛ لأنه بمجرد أن نعرفها يمكننا أن نفعل شيئا ما حيالها، وان ننتبه إلى ما يجب فعله ليتحقق النجاح.
فكرة القدم التي نمارسها حاليا ربما كانت تناسبنا قبل أكثر من 50 عاما وليس الآن، فبينما الجميع من حولنا يتقدم، نحن مازلنا نراوح مكاننا وربما نحن نتأخر ونتقهقر إلى الصفوف الخلفية، فالجميع يتقدم من خلال كل ما يدور حول لعبة كرة القدم، والعقلية الاحترافية بدأت تطفو على السطح عند جميع الدول العربية والخليجية الشقيقة، فالتطوير ليس كلمة وإنما دلالة على التغيير الجذري للواقع الكروي، والاحتراف هو إدراك كيفية تطبيق القوانين واللوائح الانضباطية في ذات الواقع، ولكن هل كرة القدم فعلا أسهل مما يعتقدها بعض الإداريين في كيفية إدارتها وما يحيط بها؟
وأنا هنا لا أدعو لتطبيق مبدأ الاحتراف في لعبة كرة القدم مباشرة، بل البدء في عملية التحضير لهذه المنظومة التي بدأت تفرض على الجميع من خلال الاتحادات القارية والدولية وليس هناك من يمنعها أو يوقفها، فالاحتراف سيفرض علينا شئنا أم أبينا، وعلينا الاستعداد له من خلال توفير الأرضية اللازمة من منشآت وأندية نموذجية ورصد الموازنات الكبيرة للأندية، والمباشرة بإعداد الكوادر الإدارية «الفاهمة والمتفهمة» للمرحلة المقبلة، فالتحضيرات يجب أن تبدأ من خلال بتر العقليات الإدارية المتصلبة والمنغلقة والعقيمة، وإيجاد عقول مستنيرة تساعد على التطوير والتغيير نحو ما يتطلبه الواقع. ولنبدأ أولا في المرحلة المقبلة بتغيير العقلية الإدارية وذلك عن طريق تغيير ثقافة التقييم من التوجيه إلى المحاسبة، فهناك من لا يقبل بالتوجيه كونه من أصحاب الخبرة الكبيرة، ومن لا يقبل بالتقييم كونه عمل متطوعا وبحسب الإمكانات التي توافرت لديه، ومن هنا بدأنا بالضياع، فلا تقييم ولا توجيه، وعليه يجب من الآن إزالة تلك العقلية والبدء في عقلية المحاسبة، فالنجاح الذي ننشده يبدأ من هذه النظرية.
إقرأ أيضا لـ "يونس منصور"العدد 1800 - الجمعة 10 أغسطس 2007م الموافق 26 رجب 1428هـ