يبدوا بأنه قد ولى زمن سعر النفط الرخيص (على الأقل في المستقبل المنظور) وذلك بالنظر للأسباب الموضوعية، ومرد الحديث هو ارتفاع سعر المتاجرة بالنفط في أسواق نيويورك في الأسبوع الماضي إلى 78 دولار و77 سنتا وذلك للمرة الأولى، كما فاق سعر نفط (برنت) حاجز 76 دولارا ونصف الدولار للبرميل الواحد.
وقد عزت التقارير والتحليلات أسباب الارتفاع إلى حدوث تراجع في حجم الاحتياطي النفطي للولايات المتحدة، أما السبب الآخر هو صدور تأكيدات من وزراء في دول منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) بعدم وجود رغبة لزيادة الانتاج في الاجتماع المقبل للمنظمة في شهر سبتمبر/أيلول.
متغيرات هيكلية
تتأثر أسعار النفط في الوقت الحاضر بعوامل متنوعة سياسية واقتصادية وأخرى نفسية. تشمل العوامل السياسية تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط (العنف في العراق، والملف النووي الإيراني)، وأميركا اللاتينية (تهديدات فنزويلا بقطع الإمدادات النفطية عن الولايات المتحدة)، وحالات عدم الاستقرار في إفريقيا (تعرض أنابيب نقل النفط للنهب في نيجيريا). كما أن هناك أسبابا لاتقل أهمية مثل انخفاض درجات الحرارة بشكل غير متوقع في العالم.
إضافة إلى ذلك, هناك موضوع النمو الاقتصادي العالمي مايعني زيادة الطلب. تشهد العديد من الدول المستهلكة الرئيسة للنفط مثل الصين نموا اقتصاديا متميزا، فقد فاقت نسبة نمو الناتج المحلي في الصين عن 10 في المئة في العام 2006، وتعتبر الصين ثاني أكبر بلد مستهلك للنفط بعد الولايات المتحدة. كما لايمكن إنكار العامل النفسي أيضا مثل المضاربات وظهور الشائعات، بمعنى آخر، ليس بمقدور أي جهة السيطرة على المتغيرات التي تؤثر في أسعار النفط والغاز. باختصار يمكن الزعم بأن الظروف الدولية تحتم بقاء أسعار النفط مرتفعة في المستقبل المنظور.
95 دولارا للبرميل
تتوقع بعض الأوساط المطلعة أن يرتفع سعر النفط إلى نحو 95 دولار برميل في منتصف فصل الشتاء المقبل في حال بقاء عدم حدوث زيادة في حجم الانتاج. يبقى علينا مراقبة تصريحات المسئولين في الدول المنتجة للنفط حتى ما قبل موعد اجتماع وزاء النفط بدول (أوبك) في 11 سبتمبر المقبل في فيينا. كما ليس بمقدور أي من مرشحي الرئاسة الأميركية التأثير على أسعار النفط لفترة طويلة نسبيا. نعم ربما تتأثر الأسعار في غضون ساعات معينة بعد الإعلان عن مواقف محددة، مثل النظر في البدائل، أو فرض المزيد من الضرائب على الواردات النفطية فيما يخص مرشحي الحزب الديمقراطي. سيذهب الناخبون في أميركا إلى صناديق الاقتراع في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2008 وذلك لاختيار رئيس جديد خلفا لجورج بوش.
يذكر ألا أحد يتحدث بشكل جدي عن البدائل للنفط، وتؤكد الكثير من التقارير بأن حجم الاحتياطي النفطي المكتشف يكفي لتوفير النفط حسب الانتاج الحالي لنحو 200 سنة مقبلة، كما لاترغب بعض الدول الاعتماد بشكل كبير على الغاز نظرا لأن روسيا لديها أكبر احتياطي من الغاز وتليها إيران، أيضا لاترغب الدول الغربية الدفع باتجاه الطاقة النووية نظرا لحساسية الموضوع كما هو الحال في التعامل مع إيران.
ختاما يشكل ارتفاع سعر النفط خبرا مهما بالنسبة إلى البحرين وذلك بسبب الأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي في اقتصادنا الوطني. فقد ساهم القطاع النفطي بنسبة 77 في المئة من دخل الخزانة في العام 2006. وكانت وزارة المالية قد افترضت سعرا منخفضا قدره 30 دولارا لبرميل النفط بيد أن المتوسط ارتفع إلى 59 دولارا للبرميل، أي نحو ضعف الرقم المعتمد. يبقى أن ما يهم في نهاية المطاف هو أن ينعكس ارتفاع أسعار النفط بشكل إيجابي على معيشة المواطنين.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1796 - الإثنين 06 أغسطس 2007م الموافق 22 رجب 1428هـ