في إحدى محطات خدمات السيارات في الطرق السريعة بالشقيقة الكبرى «السعودية»، يسألني العامل - يحمل جنسية دولة عربية - عن قدرتي على تسهيل دخوله للبحرين، ليتسنى له الحصول على الجنسية البحرينية!. سألته: لماذا تريدها؟. يقول الكثير من أبناء قريتي أصبحوا بحرينيين، وتم إعطاؤهم بيوتا للسكنى، وأعمالا جيدة، ورواتب ممتازة!. قلت له: اتصل بهم، فهم يستطيعون أن يفعلوا ما لا أستطيع أن أفعله أنا! قال: هم يطلبون الكثير من المال مقابل ذلك! هذه مقدمة أولى.
المقدمة الثانية. لا أحبذ أن أنزع عن الإنسان «الشرير» إنسانيته لسببين، للوثة نيتشوية بي، أولا، فالشر في الإنسان «طبيعي» و»متوقع». وثانيا، لأني قرأت ذات يوم: «تحتاج كي تصف أحدا ما بالبربرية، أن تكون بربريا أصلا»! ومع ذلك، أرى أن ثمة صنف من الإنسان، هو بالفعل، إنسان لكنه لا يستحي.
في السياسة تحترق أوراق، وتخرج من رحم الأزمات أخرى. وما خلا أن تحترق/تنتهي/تمزق/تغادرنا من دون رجعة الأوراق التي تآمرت على البحرين بعد فضيحة «...»، لها أن تزداد في «الوقاحة» وفي تقديم جرعات «قلة الحياء» التي لا تعتبر «مفاجأة» بقدر ما تعتبر استكمالا لدناءة «النفس» لمن باع ضميره مقابل «جواز سفر» دولة صغيرة على الخريطة، مضافا له حفنة من المال، لا يُشترى بها إلا «الدنيء» منهم أصلا.
أي مفردة تليق في توصيف ذلك الإنسان الذي يبالغ في فقدانه/نقضه/تقويضه للحياء. أي مستوى من مستويات «التبجح» تلك التي يخرج بها «المجنسون» الجدد - المدفوعي الأجر - ليتحدثوا عن «البحرين» ممثلين لحكومتها في الأجهزة الرسمية والوزارات السيادية في الدولة.
الذي يصبح محسوسا يوما بعد يوم هو أن السلطة تبذر بذرة «شر» بين أبناء هذه البلاد الآمنة. وتتضح الصورة أيضا، عبر هذا «التمكين السياسي القسري» لهؤلاء المجنسين في وزارات الدولة بوصفها صورة سوداء نحو أن يسكن أرض هذه البلاد غير أهلها، وأن تكون خيراته «يانصيب» يتبارى حوله من يتبارى من رعاع وجهلة بعض الدول العربية.
حصيلة المقدمتين، أنه ثمة ملف سياسي مهمل، أهم من التعديلات الدستورية ومن مستويات التضخم، ومن الفقر، هو ملف سرقة «وطن» من يد أبنائه، فمن يعيده لنا؟
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1795 - الأحد 05 أغسطس 2007م الموافق 21 رجب 1428هـ