اصطف مواطنون أمام طابور طويل في أحد المصارف المحلية، كل في دوره، والبحرينيون معروفون على الأقل خليجيا بالنظام، ليس في الشوارع وتنظيم المرور فقط، بل حتى في الأسواق والأماكن الخدمية، فالطوابير هنا معتادة، وليس غريبا أن ترى طابورا يمتد عند مخبز أو صراف آلي أو في أية مؤسسة خدمية، فالناس ينظمون أنفسهم بأنفسهم.
وبينما جميع المواطنين وغير المواطنين ومن كل الفئات يصطفون في الطابور لتخليص معاملاتهم المصرفية، نشب خلاف بين مواطن كان مصطفا شأنه شأن غيره، وبين أحد الأشخاص بالزي العسكري، مرد الخلاف إلى أن صاحب الزي العسكري تقدم على الجميع، فما لبث أن دخل من الباب حتى تقدم إلى مقدمة الطابور الطويل، وكأن ليس وراءه أحدا، بحجة أنه يرتدي الزي العسكري.
وما نعرفه نحن، أن الزي العسكري عليه التزامات أكثر مما له حقوق، وخصوصا تجاه المدنيين، فالمدني في أي وقت كان يعتبر الطرف الأضعف الذي يجب حمايته. هذا المواطن الذي أصابه الضيم واقفا ينتظر دوره لأكثر من نصف ساعة، ثم يأتي شخص آخر يريد أخذ هذا الدور في ثوانٍ! لم يفهم المواطن البسيط سببا وجيها يدفع هذا العسكري إلى التقدم على دوره وخصوصا أنه وفي الطابور نفسه عسكري آخر ليس أصغر سنا من زميله ينتظر دوره، تماما كما ينتظر الآخرون دورهم.
العسكري الذي التزم بالطابور خلع حذاءه، ليس لأنه لا يحترم الآخرين، بل لأنه مريض وكان يعرج وخلع حذاءه لتحمل ألم الوقوف، وعلى رغم ذلك ظل في الطابور حاله حال غيره.
هاتان نسختان من عسكريين أحدهما اعتبر أن الزي العسكري يوجب عليه أن يحترم مواطني البلاد التي يحمل زيها العسكري، وآخر اعتقد أن زيه يخوله لأن يحصل على حقوق مواطنين مدنيين في مؤسسة مدنية ولأهداف مدنية شخصية، واعتبر الزي تكليفا أكثر منه تشريفا يتعالى به أمام الناس.
إذا كنا نحن البحرينيين نحترم النظام والقوانين ونسير وفقها، فنحن قد شكلنا معها ثقافة تمنعنا من انتهاك هذه الأنظمة، فثقافتنا الإسلامية، بل وتراثنا، يدفعاننا إلى أن نكون كذلك، وكذلك يجب أن يكون مرتدي الزي العسكري الذي يمثل الدولة وهيبتها، فكما كان العسكري الذي احترم النظام يجب أن تكون البقية، مع مخاوفنا من أن يكون الغالبية هم مثل الأول.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1795 - الأحد 05 أغسطس 2007م الموافق 21 رجب 1428هـ