نبحث عن العدالة الاجتماعية التي تصون كرامة الإنسان في حقه أن يحصل على متطلبات حياته الأساسية من عمل وتعليم ومأوى ومأكل.
هذه الامور لا تعد كماليات استثنائية للمواطن بل هي ضرورات لا مفر منها إذ لن يكون الوضع مختلفا في الجزائر والمغرب عنه في تونس ومصر وسورية والأردن وصولا إلى البحرين.
لقد أصبحت هذه المطالب التي «بح» فيها صوت المواطن العربي المغلوب على أمره مجرد شعارات تكتب على لافتات التظاهرات والمسيرات أو المنتديات والمدونات الالكترونية لا أكثر بسبب حالة الطرش الأبدية التي أصابت حكومات المنطقة العربية وذلك لتجاهلها «ضرورات من أجل البقاء»...
هكذا أصبحت اليوم تسمى من قبل المراقبين والمهتمين بالمتغيرات الحالية في المنطقة العربية المجزأة إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبما أن هناك الكثير ما تتعذر به الأنظمة العربية، الذي واقعا لا يعبر إلا عن أزمة « ثقة» مع شعوبها التي أصبحت اليوم لا تتوقع منها سوى الأسوأ، وبالتالي فإن البحث عن هذه المطالب قد أصبح مثل الحلم في مخيلة المواطن لاسيما شريحة الشباب العربي الذي أصبح يسعى إليها في مكان آخر ترشده مواقع الانترنت التي تسمي نفسها « جهادية» وتشهره على الملأ قنوات فضائيات عربية تصل الى الملايين من المشاهدين في أرجاء العالم، ليصبح حديث الساعة بعد قيامه بعملية انتحارية إرهابية تقتل روحه وروح الآخرين.
هذا المكان الذي يضم المأوى وما يبحث عنه المواطن العربي الشاب قد يتحقق في مكان آخر في ظل نشر «ثقافة الموت» والظفر بمغانم الآخرة مع جنة الخلد من خلال عملية إرهابية يقنع نفسه بأنها عملية « جهادية» تنهي حياته كالشهيد.
ولعل من سخريات الوضع العربي الراهن ما وعد به بعض رموز وأنصار تنظيم في الجزائر في وقت سابق للشارع الجزائري وهو نموذج آخر لحصد المطالب... إذ قال رموز ذلك التنظيم بأنهم سيوفرون مسكنا لكل مواطن جزائري يدعمهم. إلا أن هذه الدعوة سرعان ما تلاشت عندما أعلن التنظيم المذكور لاحقا بأن المقصد كان مسكنا ومأوى في الآخرة، وليس في الدنيا، ومنها تحولت إلى نكتة محلية يطلقها الجزائريون من وقت لآخر.
فمن حال طرش الحكومات إلى نموذج قتل النفس والإرهاب ختاما بمسلسل الوعود للجماعات المتطرفة... جميعها عوامل تؤكد على استمرار تردي الوضع في الشارع العربي، وهو الذي بدا عاجزا عن الاختيار بعد أن فقد طعم الحياة وثقافتها بسبب كثرة ما تشهده المنطقة العربية من المؤامرات التي تحاك ضد الشعوب، واخرى تحاك للحروب وحمامات الدم التي تتضارب عليها مصالح الأنظمة مع المطامع الاستراتيجية الخارجية.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1794 - السبت 04 أغسطس 2007م الموافق 20 رجب 1428هـ