العدد 1794 - السبت 04 أغسطس 2007م الموافق 20 رجب 1428هـ

التجنيس والاتجار بالبشر

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل أسابيع أصدرت الخارجية الأميركية تقريرها الذي يرصد حالات يعتبرها القانون الدولي اتجارا بالبشر، وأدرج التقرير اسم البحرين ضمن الدول التي تخالف اتفاقات منع الاتجار بالبشر. وفي العادة، فإن الأنظار تتجه نحو العمالة الآسيوية الرخيصة وسوء استغلال ظروفها عبر تشغيلها في أعمال شاقة مقابل معاشات زهيدة جدا... كما تتجه الأنظار نحو استدراج الفتيات من بلدان فقيرة للعمل في سوق الدعارة بعد وصولهن إلى هذا البلد أو ذاك.

هناك نوع آخر من الاتجار بالبشر وربما يكون أخطر من الأنواع الأخرى... وهو التجنيس العشوائي؛ فالذين يتم تجنيسهم ربما يعيشون في ظروف مادية أقل من المستوى المعيشي المتوافر في البحرين، ولا يمكن أن نلوم أي شخص تعرض عليه جنسية بلد آخر مع معاش يعادل 5 مرات ما يحصل عليه في بلده الأم أو أكثر مع خدمات صحية وتعليمية وسكنية مجانية ومتطورة جدا، مقارنة بما يحصل عليه في بلده الأصلي، أن يقبل بهذه الجنسية.

ولكن، هذا نوع من الاتجار بالبشر... فهذا الشخص المجنس له كرامة منحها الله له، وعندما يتم التعامل معه على أساس أنه «سلعة» يتم نقلها من مكان إلى آخر مقابل «ثمن مادي»، فإن ذلك يعتبر اعتداء على إنسانيته بصفتها المعنوية. فالدفع المادي السخي إنما حدث مقابل أن يتخلى ذلك الشخص عن وطنه... ويتطلب منه أن يعيش في موطن آخر لغرض سياسي - اجتماعي ليس له دخل به. وهذا يعني أن المحتوى الإنساني لذلك الشخص ليس مهما، إذ إنه قابل للبيع والشراء، وقابل للتنازل والاستبدال مقابل مكافآت مادية يحصل عليها.

التجارة هي عملية تبادل سلعة أو خدمة مقابل سعر يدفعه المشتري إلى البائع. وفي حال التجنيس غير الطبيعي، فإن الشخص يبيع ولاءه ووجدانه المعنوي مقابل الحصول على مزايا لم يستطع الحصول عليها بصورة طبيعية في وطنه الأم. بحسب هذا التوصيف، فإن التجنيس غير الطبيعي الذي نشاهد آثاره في بلادنا ليس سوى اتجار بالبشر، وهو حط من كرامة الإنسان المستهدف تجنيسه.

وليس أدل على ذلك من أن أحد الشباب من ذوي الأصول الآسيوية الذي اعتبر البحرين بلاده قد عانى كثيرا (ولايزال) لأنه كتب على الانترنت مقالات عن البحرين التي يفترض أنه وكثير من الناس ممن يشبهونه أصبحوا جزءا منها. والاعتراض الذي طرح أمام هذا الشاب هو أنه «أكل من عيش البحرين» وأنه يعيش على أساس مكارم حصل عليها هو وأسرته، فكيف له أن يتجرأ بالكتابة عن البحرين بما لا تشتهيه بعض الأنفس؟

إن الناشطين في مجال حقوق الإنسان لا يستطيعون التفريق بين شخص وآخر، ومن يتم تجنيسه لأي سبب كان تصبح له حقوق مادية ومعنوية كاملة غير منتقصة... وفي حال انتقاص حقوقه المعنوية مقابل الحصول على مزايا مادية لا يحصل عليها المواطن الأصلي، فإن المتجنس يتحول من إنسان إلى سلعة معروضة في السوق، وذلك هو الاتجار بالبشر المحرم دوليا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1794 - السبت 04 أغسطس 2007م الموافق 20 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً