لايزال عدد من العاطلين، على رغم عدم وجود أرقام أو نسب رسمية تمثلهم، ينظرون إلى المشروع الوطني للتوظيف الذي تشرف عليه وزارة العمل بنظرة سلبية، وأنه مشروع باء بالفشل؛ إذ إن الواقع أكد وجود أعداد من العاطلين أو الذين يعملون في جهات خاصة لم يرغبوا في التسجيل فيه لأنهم رأوا فيه سلبيات عدة، في الوقت الذي دافع فيه المنسق العام للمشروع محمد الأنصاري وبقوه عن المشروع عندما أكد وجود ثقة متبادلة تجمع وزارة العمل والعاطلين، مصدرها النهج الشفاف والواضح الذي تنتهجه الوزارة مع العاطلين، بحسب ما ذهب إليه الأنصاري.
وفي هذا الجانب، قال المواطن جاسم جابر «لم أسجل في المشروع الوطني للتوظيف لأنني لم آمل منه خيرا، ومع ذلك قررت في بداية انطلاقته أن أجرب التسجيل إلا أن شروط التسجيل كانت معقدة بالنسبة إلي».
وذكر جابر أن «فكرة المشروع الوطني للتوظيف جاءت بعد تحرك مجموعة كبيرة من العاطلين من خلال سلسلة اعتصامات مطالبين بإيجاد وظائف لهم من أجل أن تثبت وزارة العمل أنها حققت شيئا في جانب البطالة، لكن المشروع لم ينجح»، معزيا سبب فشله إلى أن القائمين عليه لم يعرفوا الآلية الصحيحة لجذب العاطلين.
وذكر جابر أنه حاول بقدر استطاعته أن يقلل من مصروفاته، وأن يدخر جزءا من راتبه منذ انضمامه للعمل في الشركة الحالية قبل عام من الآن، إلا أنه فشل في ذلك بسبب تدني الراتب، مضيفا «اضطررت حديثا إلى أن أقترض من أحد المصارف التجارية من أجل اتمام مسيرة حياتي».
وبحسب جابر «أطمح إلى أن يصل راتبي إلى 350 دينارا، على رغم أنه لن يكفي في ظل ارتفاع الأسعار، ولكنني أريد أن أضمن مستقبلي»، مشيرا إلى أنه يعمل حاليا في إحدى الشركات الخاصة ويحصل على راتب مقداره 220 دينارا يتقاضاه في نهاية كل شهر، ومؤكدا في الوقت نفسه أنه يساعد براتبه والده في مصاريف المنزل، التي تصرف على 12 فردا في العائلة.
وأمل جابر أن «تتم بحرنة الوظائف في جميع القطاعات بدلا من جلب الأجانب الذين نسمع ونرى يوما بعد يوم أنهم يحملون شهادات مزورة، في حين نرى أن البحريني قادر على القيام بالأعمال نفسها التي يقوم بها الأجنبي».
أما المواطن سيد محمد ناصر فأكد أنه بقي عاطلا عن العمل لمدة عام ونصف العام، لكنه عندما ذهب للتسجيل في المشروع الوطني للتوظيف وجد إجراءات التسجيل صعبة.
وقال ناصر «في الوقت نفسه فإن توزيع الوظائف لم يعجبني، إذ إنه لم يكن عادلا، الأمر الذي جعلني أقرر عدم التسجيل منذ البداية»، لافتا إلى أنه سجل اسمه وبياناته في المشروعات التي كانت تطرحها وزارة العمل في السابق.
ورأى ناصر أن «المشروع الوطني للتوظيف لم يحقق أهدافه، التي منها توفير فرص العمل للعاطلين»، موضحا أنه «لو كان المشروع ناجحا لتحدث الناس عنه بصورة إيجابية»، معتبرا أن «قيام الوزارة بعرض جميع الوظائف أو طرح أكثر من 3 خيارات أمام العاطلين للاختيار، أفضل بكثير من تحديد 3 خيارات فقط له».
وأشار ناصر إلى أن «عرض الوظائف التي تتناسب مع المستوى التعليمي لكل عاطل له دور في هذا الجانب أيضا»، مضيفا أنه «يتم عرض وظائف أقل مستوى أو لا تتناسب مع الكثيرين من حملة البكالوريوس، بالإضافة إلى أن الرواتب التي تعرض على العاطلين غير مغرية».
وبحسب ناصر فإن «الوظائف موجودة، ولكن لا نعلم لماذا لا يتم توظيفنا في الأماكن المناسبة إلينا... ولا أعلم هل احتل الأجانب أماكن البحرينيين في الوظائف؟».
ومن جهته، قال المتحدث الرسمي باسم «لجنة العاطلين ومتدني الأجر» نادر السلاطنة إن من بين الأسباب التي حالت دون تسجيل الكثير من العاطلين في المشروع الوطني للتوظيف ورفضهم المشاركة فيه «فشل الوزارة في توظيف جميع العاطلين أو نسبة كبيرة منهم في المشروعات التي سبقت المشروع الحالي، الأمر الذي ترك صورة سلبية عن المشروع الأخير في أذهانهم، وأصبح لديهم رد فعل سلبي تجاهه».
وأضاف السلاطنة «من بين الأسباب أيضا أن فئة كبيرة من المسجلين في المشروع يحملون شهادات البكالوريوس والدبلوم بينما يطرح المشروع وظائف ذات رواتب متدنية، كما أنه طرح دورات تدريبية تتبعها وظائف ذات رواتب متدنية وذات مستويات أقل من المستوى الذي يطمح إليه العاطلون عن العمل، كالعمل في المطاعم أو السوبر ماركت، وعدم فتح الوزارات الحكومية أبوابها لتوظيف البحرينيين ماعدا وزارة التربية والعمل، وتوقيع القطاع الخاص عقودا سنوية مع الموظفين من دون وجود ضمان ضد التعطل كما في الكثير من الدول، الأمر الذي يعتبر محبطا للغاية ويشكل عدم ثقة في القطاع الخاص، وكذلك في الوزارات، إذ لا توجد وظائف إلا في وزارة العمل والتربية، فأين وزارات الداخلية والدفاع والكهرباء؟».
ولفت السلاطنة إلى أن الأسباب المذكورة تعود إلى نتائج دراسة أعدتها اللجنة في مطلع العام الجاري عن المشروع الوطني للتوظيف شملت 350 عاطلا مسجلا وغير مسجل في المشروع الوطني للتوظيف، مضيفا أن «قضية البطالة ليست جديدة في البحرين، إلا أن نسبة العاطلين ارتفعت من 3 في المئة لتصل إلى 14 في المئة، في حين أن صندوق النقد الدولي يقول إن نسبة العاطلين تصل إلى 19 في المئة من إجمالي العمالة المحلية، لنجد بعد ذلك أن نسبة العمالة المحلية في القطاع الحكومي 38 في المئة فقط، بينما نسبة العمالة الأجنبية تصل إلى 62 في المئة».
وفي الجانب نفسه، نوه السلاطنة إلى أن «توقيع عريضة متدني الأجر، التي طالبنا فيها بمطالب عدة إلى جانب رفع الأجور، لا يزال مستمرا حتى اليوم»، موضحا أنها أعدت ليوقعها جميع الذين تقل رواتبهم عن 200 و180 دينارا، مشيرا إلى أن «عدد الموقعين فيها وصل إلى 5 آلاف و500 من متدني الأجر».
وأشار السلاطنة إلى أنه «بعد فترة تمت إضافة تواقيع الذين يحصلون على رواتب أعلى من ذلك، ولكن أقل من 350 دينارا، بعد الرجوع إلى الدراسة التي أعدها مركز البحرين للدراسات والبحوث، التي أفادت بأن كل من يتسلم راتبا أقل من 337 دينارا يكون تحت خط الفقر في البحرين»، مضيفا أن العريضة سترفع إلى 7 جهات وهي: الديوان الملكي، ومجلسا الشورى والنواب، ومجلس الوزراء، ومجلس التنمية الاقتصادية، ووزارة العمل، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وإلى الجهات العربية والدولية المعنية بالعاطلين ومتدني الأجر.
وفي ختام حديثه، حمّل السلاطنة الحكومة مسئولية توظيف العاطلين في القطاع العام، على ألا يقتصر التوظيف على وزارتين أو ثلاث فقط، مطالبا بتوظيف العاطلين ذوي الشهادات الجامعية تحديدا، والضمان ضد التعطل، ورفع سقف رواتب متدني الأجر.
وفي تعليق له على الموضوع، أكد المنسق العام للمشروع الوطني للتوظيف محمد الأنصاري وجود ثقة متبادلة تجمع ما بين وزارة العمل والعاطلين، مصدرها النهج الشفاف والواضح الذي تنتهجه الوزارة مع العاطلين.
وقال الأنصاري إن «أبواب المشروع مفتوحة لجميع العاطلين، ووزارة العمل ساعدت آلاف العاطلين والعاطلات في الحصول على وظائف، كما قدمت برامج تدريبية إليهم»، مشيرا إلى وجود 600 عاطل أدرجوا في برنامجي التدريب التابعين لمعهد البحرين للتدريب، وبرنامج شركة نفط البحرين (بابكو) التدريبي تمهيدا لتوظيفهم.
وشدد الأنصاري على «عدم وجود نسبة شك حتى بنسبة 1 في المئة في أن الوزارة تسعى وبشكل جاد في مساعدة الباحثين عن العمل للحصول على وظائف، وإن وجدت فهؤلاء الشباب قلة»، موضحا أن «الوزارة جادة في مساعدة العاطلين عن العمل في التوظيف؛ إذ إن هذا دورها الطبيعي».
ونوه الأنصاري إلى أن «جميع المنتسبين إلى وزارة العمل ومعهد البحرين للتدريب والمجالس النوعية سخروا لإنجاح المشروع، بل وحتى وزارات الدولة وديوان الخدمة المدنية من أجل مساعدة المشروع في حلحلة أزمة البطالة».
وذكر الأنصاري أن «من بين النتائج الإيجابية للمشروع رفع سوق العمل الرواتب إلى 200 دينار، وازدياد الوعي بين العاطلين، والتزام الكثير من العاطلين في التعاون معنا»، مستطردا بالقول إن «المشروع الوطني للتوظيف لايزال مستمرا ويستقبل العاطلين بشكل يومي، كما يتم توظيف أعداد منهم أيضا بشكل يومي»، معتبرا «المشكلة تكمن في تشاؤم بعض العاطلين من حصولهم على وظيفة أو عدم جديتهم في البحث عن وظيفة».
العدد 1793 - الجمعة 03 أغسطس 2007م الموافق 19 رجب 1428هـ