هناك تباين واضح بين ولائك وحبك لأمك وأبيك، وبين حبك وولائك لجيرانك في الحي الذي تقطنه، هناك تباين واضح بين ولائك وحبك لأختك وأخيك، وبين حبك وولائك لزملائك في المدرسة.
هناك تباين واضح بين حبك وولائك لبناتك وبنيك، وبين حبك وولائك لزملائك في مكتب الشركة التي تعمل بها.
فرق كبير وشاسع بين حبك وولائك لأولئك وهؤلاء، فرق كبير وشاسع بين حبك وولائك الحقيقي وبين حب وولاء المصلحة.
فرق كبير وشاسع بين أرض ولدت عليها وتغذيت من خيراتها وتشبعت بحنانها وبين أرض تربطك بها روابط المصلحة الآنية التي جاءت بك إليها، والمتمثلة في العمل أو الدراسة أو غير ذلك من الروابط.
هناك فرق شاسع وكبير بين حب وحب بين ولاء وولاء والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، واسألوا التاريخ. يروي لنا التاريخ أن شعبا من شعوب الكرة الأرضية تعرض لـ «نكبة بشرية» اضطرته للنزوح إلى بعض البلدان المجاورة علها تخفف عنه بعض معاناته واستقبلت تلك البلدان أفراد هذا الشعب استقبالا يليق به كضيف كريم، حيث هيأت له السكن المناسب ومستلزمات العيش اللائق، وحين شاء الله أن تنتهي تلك النكبة ويعود أفراد هذا الشعب إلى بلدهم، قام بعضهم بحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه أما ما ثقل وزنه فقد نال نصيبه من التكسير والتحطيم حتى لا ينتفع به أحد!
أهذا هو الولاء المطلوب؟ أين وشائج التربى المؤطرة بإطار الولاء للوطن، والتصرف وفق هذا المفهوم؟
لقد رأينا وسمعنا أنه حين تقع نكبة في هذا البلد أو ذاك تجد بعضهم أول الهاربين، وحين تنقشع تلك النكبة يكون آخر العائدين: جبنا وخوفا وهلعا وقلة إحساس تجاه الوطن.
هنا تتضح صورة المواطن المخلص الذي برهن على حبه لوطنه وولائه لهذا الوطن، وهو عكس ذلك المواطن الذي برهن ومن خلال مجريات الامور أن حبه وولاءه لأرضه قد لا يعدله حب أرض آخرى وبلد آخر.
القضية أن معظم الناس يدعي حبه لوطنه، وبعض هذا الادعاء كذب محض لا تصدقه الأفعال، وأكثره يجسد قول الشاعر:
وكل يدعي وصلا بليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
متجاهلين قول الرسول الأكرم (ص) «حب الوطن من الإيمان».
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1792 - الخميس 02 أغسطس 2007م الموافق 18 رجب 1428هـ