من حق أي مراقب منصف وموضوعي ونزيه أن يبدي تعجبه واستغرابه من مغبة مواصلة البعض استقواءه بأبرز الوسائل الإعلامية الغربية؛ للتفضل بتغطية موجهة ومدمرة للأوضاع المتأزمة في البلاد بغية تحقيق أعلى الأرصدة وإحراز أكبر النسب في الطأفنة أو التجيير الطائفي المغالي فيه أو المفتعل للقضايا الوطنية، وهو ما يضر كثيرا بهذه القضايا وينتقص من حجمها وقدرها فينتقل بها من كونها قضية وطن مواطنين إلى شأن طائفي بحت ومسألة تمييز طائفي!
فمنذ تغطية قناة «سي. إن. إن» المشبوه فيها والمحبوكة طائفيا لقضية الفقر في البحرين التي صورت قضية الفقر في البلاد وسوء توزيع الثروات في البلاد، التي يعاني منها معظم أبناء الشعب البحريني سنة وشيعة بأنها قضية تمييز طائفي تمارسه أقلية سنية ثرية ضد غالبية شيعية معدمة، حتى التغطية الإعلامية والتقرير الذي نشرته قناة «بي. بي. سي» الفضائية في موقعها الإلكتروني، والذي تناول قضية سرقة السواحل والتمييز الطائفي في البحرين، وأدرجت ضمنه أزمة سواحل قرية المالكية باعتبارها قرية «شيعية» بالكامل فتعد أزمة سواحلها أزمة استهداف طائفي، وتحديدا ما يرتبط بمسألة «الحظور»، وذلك بحسب التغطية الإعلامية لقناة «بي. بي. سي» البريطانية التي لطالما رجحت من قبل في موضوعيتها ونزاهتها الإعلامية نسبيا عن قناة «سي. إن. إن» الأميركية باستثناء الشأن الفلسطيني ومتعلقات الصراع العربي - الإسرائيلي!
ولكن على رغم أن قضية شح الأراضي ومصادرة السواحل في جزيرة لم يتبقَ من سواحلها العامة سوى ما نسبته دون 3 في المئة، وكأنما هي جزيرة محاطة من كل جهاتها بالجدران والأملاك والمستوطنات والمجتمعات الخاصة والمتميزة بكل ظروفها وخصائصها المهيئة لها عن غيرها من مجتمعات أصلية هي قضايا تسم الوطن بكامله، وتضييق على المواطنين في حقوقهم بالتملك والاستقرار على أرض الوطن إلا أنه أريد عبر تغطية غربية حمالة لأجندة وأجنة مصلحية مشبوه فيها أن تكون قضية السواحل بما فيها سواحل المالكية قضايا طائفية تعني وتخص طائفة كريمة بعينها من دون سائر الطوائف بعد أن أضيف الفقر إلى قائمة القضايا الوطنية الكبرى والمصيرية التي أجريت طأفنتها ضمن عملية محبوكة غير محمودة الأهداف والعواقب لن تهدف إلا إلى شق الصف الوطني وبالتالي زعزعة الاستقرار الوطني، فلمصلحة من سيستمر مسلسل طأفنة القضايا الوطنية وتصفية روحها، وجعلها قضية مصالح خاصة ومحاصصات طائفية وقميصا للابتزاز والاستفزاز؟
ولماذا هذا الإصرار المتواصل العجيب على جعل المعيار الطائفي التقسيمي أساسا صارما للمعايير والمعادلات الطبقية في البحرين حتى للحراك السياسي داخل البلاد؟
اللافت للنظر هو تكرر وجه واسم ناشط حقوقي ذاته من دون غيره في تلك التغطيات الإعلامية الغربية المجيرة والمطيفة سياسيا لمختلف القضايا والأزمات الوطنية، فناشطنا كعادته استمر في التعاون مع الفضائيات الغربية ذاتها ذات الأجندة المصلحية التي لا يختلف عاقل بشأنها، وواصل المشاركة والتحرك والتصريح بما يخرج عن الحياء الوطني والمسئولية الاجتماعية الوطنية في كثير من الأحيان والتواطؤ على تطييف قضايا مصيرية لا يختلف على وطنيتها فيما قد يشير إلى احتمالات خطيرة عدة بإمكان صاحبنا وحده الإصابة والترجيح بينها، وهي إما أنه يريد أن يحقق لنفسه رصيدا طائفيا شعبيا «واهما» على حساب استقرار الوطن، وإما أن صاحبنا يسعى بشكل محموم إلى الانتقام المريض من السلطات التي يدعي أنها تقوم بالتضييق عليه داخليا وذلك عبر الاستقواء بالخارج وتمرير أجندة مصلحية مشبوه فيها على حساب الوطن وأبنائه، أو أن يكون تصفية الحسابات في قاموس صاحبنا يشير إلى استعداده للتعاون مع الخارج على حساب الداخل أيا تكن القضية المستغلة والمطأفنة سياسيا!
وإن كان هنالك تعليق للوزير حسن فخرو نفى خلاله وجود أي دافع للتمييز الطائفي وراء قضية سواحل المالكية، واعتبرها أزمة اجتماعية، وهو ما لا يختلف عليه أي منصف وعاقل أمام موجات إقليمية عارمة تستهدف الطأفنة بلا حدود وتجد لها أسانيدها الداخلية في ممارسة، إلا أن ذلك لا يغني عن النظر في تقصير الدولة بهذا الشأن وتقاعسها الملحوظ في تطبيق وتعميم وفرض حكم القانون على الجميع وتسوية الأمر بين جميع الأطراف والفرقاء، فموقع الدولة تضرر كثيرا بذلك التقاعس السلبي وهو ما أتاح للبعض اللعب بأعواد الكبريت الطائفية على حساب الأنسجة الوطنية لقضايا المصير والانتماء التي لا تحل بمكاييل الغلبة العددية والنسبة والتناسب.
النقطة الأكثر حساسية في هذا الشأن هي المرتبطة بموقف قوى وتيارات وتنظيمات المعارضة الإصلاحية الوطنية من هذا الاستجلاب اللاوطني، أي الفعل ذو السمة «الجلبية»، التي ينبغي أن تقف بحزم في وجهه وفي وجه طأفنة القضايا الوطنية الكبرى وتجييرها سياسيا وانتهازيا على حساب الوطن والمواطنين بما فيها تلك التغطيات الإعلامية الغربية الموجهة مصلحيا والمموهة سياسيا، والتي تعطي الحجة لخصوم وأعداء المعارضة الإصلاحية الوطنية للتجرؤ على سكب الاتهامات بالعمالة للخارج على عموم قوى المعارضة الإصلاحية الوطنية ومحاولة سحب البساط الوطني من تحتها فهي أمام تحدٍّ جسيم بدأ يتجه ناحيته البعض من «المحسوبين» عليها من دون وازع وطني أو عقلي!
إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ