العدد 2265 - الإثنين 17 نوفمبر 2008م الموافق 18 ذي القعدة 1429هـ

جلسةٌ مع باحثٍ في التراث

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استضاف ملتقى جدحفص الثقافي مؤخّرا الباحث والكاتب عبدالله آل سيف، للحديث عن تجربته في مجال الكتابة التوثيقية، وتحديدا عن كتابه «المأتم في البحرين».

كان الحضور لا يتعدّى خانة العشرات الثلاثة، قلةٌ من الشباب، وأغلبية من الكبار والمهتمين بشأنٍ يبدو ذا خصوصيةٍ شديدة، مع أنه شأنٌ يرتبط بمدى أرحب، من الثقافة والتأريخ والتراث.

المؤلّف تحدّث عن علاقةٍ حميمةٍ ربطته بهذه المؤسسة الدينية منذ الصغر، وهي حالةٌ ترتبط بالوجدان الديني لدى الكثيرين، فـ «المآتم» ليست مكانا للقراءة الحسينية وتنظيم مواكب العزاء فحسب، بل لعبت دورا كبيرا في حياة البحرينيين، في أفراحهم وأتراحهم، وسبقت بروز المؤسسات الاجتماعية الحديثة الأخرى، كالأندية والمسارح والجمعيات الثقافية والفنية... إلخ. واعترف المؤلف الذي خاض تجربة في العمل السري (القومي)، إنه انسحب بسبب كلام استفزازي سمعه من أحد منتسبي التنظيم بحقّ هذه المؤسسة.

آل سيف الذي عمل محاميا لسنوات، بدأ الكتابة في الصحافة عن مواضيع اجتماعية في مقدمتها «المأتم»، كمجلس حسيني وكظاهرة اجتماعية، فضلا عن العمارة والبناء. واقترح عليه أحد زملائه الصحافيين بجمعها في كتاب، وهكذا خاض تجربة النشر لأول مرة، فطبع 3 آلاف نسخة، تكلّفت 3 آلاف دينار، بالإضافة إلى 600 دينار للطباعة. وهو مبلغٌ مكلِفٌ في تلك الفترة من التسعينيات، فضلا عن كونها مغامرة لصغر السوق وعوامل أخرى.

بعد الطباعة، فوجئ المؤلف باعتراض وزارة الإعلام، إذ طُلب منه نزع صفحةٍ تتضمن تعريفا بفئات المجتمع البحريني ضمن تصدير الكتاب، فضلا عن نزع بعض الرسومات. وبعد نهاية المحاضرة استلمت من المؤلف الصفحات «الممنوعة»، وكانت خير تعبيرٍ عن عقلية الرقيب. فالمعلومات كانت حيادية وموضوعية تماما، واللوحات بريشة الفنان عبدالمنعم البوسطة، الذي يعتبر أحد مؤسسي الفن الديني الذي انتشر لاحقا وتوسّع في تجربة جمعية المرسم الحسيني للفنون.

وجاءه المخرج عندما بادرت صحيفةٌ محليّةٌ إلى شراء جميع النسخ وتكفيه مؤونة التوزيع، على أن تمنحه 200 نسخة. ولكن كانت بانتظاره إشكاليةٌ أخرى، وهي أن إحدى مقدمتي الكتاب بقلم أحد علماء الدين الذين يُنظر إليه كواحدٍ من المحافظين، ولا ننسى أننا في فترة التسعينيات المضطربة سياسيا، ولذلك حورب الكتاب مرة أخرى كما يقول المؤلف.

هناك معلوماتٌ مهمةٌ أوردها عن نشأة «مؤسسة المأتم»، إذ يُرجعها في البحرين والقطيف إلى أقل من ثلاثة قرون، بينما يذهب كاتب المقدمة إلى أربعة قرون. وكانت في بداياتها تُقام في المنازل والدواليب (الحقول) والمجالس والعشش (العريش)، وبعض الحوزات العلمية، مستشهدا بحوزة الشيخ حسين العصفور في الشاخورة، لما كتب عليها من عبارة: «دار علم ومأتم للشهيد». ويبدو أن من هاجروا من البحرين (وبعضهم علماء وقضاة وتجار) إلى دول الخليج وإيران وشرق إفريقيا، في مراحل مختلفة من التاريخ، نقلوا هذه المؤسسة معهم حيثما ارتحلوا.

التاريخ من أصعب أنواع الكتابة لما يحتاجه من توثيق، والمؤلّف روى معاناته في جمع مادة كتابه من ألسن الرواة المسنين، وصلت أحيانا إلى التهديد بسبب سوء الفهم. وفي خضم تجربته لفتت نظره ظاهرةٌ مهمة، وهي افتقار أكثر المآتم إلى التدوين، ما عدا مآتم العجم كما قال، إذ عثر على وثائق (دفاتر) تعود إلى قرنٍ من الزمان، تتضمن تفاصيل المصروفات، وهي مادةٌ قيّمةٌ من الناحية التاريخية للدارسين بلاشك، فضلا عن مدلولها الثقافي والحضاري

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2265 - الإثنين 17 نوفمبر 2008م الموافق 18 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً