قد تكون نقطة في محيط الحب الهائل الذي يحملونه، والذي يعجزون عن التعبير عنه بالكلام، لذلك فقد تركت المسئولية للشعراء كي يعبروا على لسانهم عن حبهم وتبجيلهم لمولد الإمام علي بن أبي طالب (ع)، واحتفوا بهم في هذه الذكرى في مأتم سار على طريقتهم الخاصة، وضمن مهرجان حمل مسمى «مهرجان أبي تراب الشعري».
حقيقة المهرجان تتجلى بمحاولة من اللجنة الثقافية بمأتم سار للاحتفاء بهذه الذكرى العظيمة، وتقدير عطاء الإمام علي (ع) في جميع المجالات العلمية والأدبية والفكرية والروحية، إذ تمت إقامة هذا المهرجان الذي شارك فيه 15 شاعرا وشاعرة، والذين قدموا بعددهم مجموعة من القصائد التي تغزلت في شخص الإمام أو في أحد جوانب ومواقف حياته العظيمة، وخضعت النصوص كافة لتقييم ودراسة لجنة تحكيم، وفق شروط ومعايير دقيقة، إذ لم تكن الأوراق تحمل أسماء المشاركين، بغية وضع النصوص كافة تحت ظروف الاختبار ذاتها، وتجنيب اللجنة التأثر ببعض الأسماء ولو على سبيل الإيحاء الذي تحمله بعض أسماء المشاركين.
رئيس اللجنة الثقافية بمأتم سار سيد صالح تقي، أكد أن إدارة المهرجان كانت حريصة على النزاهة والدقة في النتائج، وأن النصوص جميعها تم تقييمها أمام المشاركين جميعا خلال اليومين الأوليين للمسابقة، وتم تكريمهم في اليوم الثالث، بحضور النائب الشيخ علي سلمان، ورئيس مجلس بلدي الشمالية يوسف البوري.
تقييمه للتجربة هو أنها تمثل نقلة نوعية بالنسبة إلى العام الماضي، وعلى رغم أنه أكد عدم اجتماع أعضاء اللجنة، فإن الملاحظات كانت إيجابية وأن هناك تطورا كبيرا عن العام الماضي، وكان الإعجاب والقبول هما الأمران السائدان، إلى جانب المطالبات بتكرار هذه التجربة والحرص على تطويرها.
تقي ذكر أن الراحة سادت أعضاء اللجنة حينما كان من بين المراكز الأولى فتاة، إذ عبر بالقول «لو كانت المراكز الأولى كلها للرجال، فقد ينظر إلى أنها محاولة لإخفاء وجود المرأة، وإن كان ذلك غير متعمد، فأمر جيد أن يكون ظهورها ناتجا عن الكفاءة، وسيكون ذلك حافزا للمشاركات المستقبلية».
وأكد تقي أن لجنة التحكيم قد سلمته تقريرا مكتوبا عن النتائج، وسيقوم من خلاله بالوقوف على الملاحظات، إذ كانت أبرز الملاحظات هي بشأن التفاوت العمري بين المشاركين، الأمر الذي أدى إلى التفاوت في الأعمال المقدمة، نتيجة للخبرات المتراكمة لدى البعض مقارنة بالبعض الآخر، وهو ما أكده الفائز بالمركز الأول، الشاعر جعفر الجمري، الذي وجد أن الملاحظة في مكانها، معبرا بالقول «يجب ألا يضيق الاخوة بهذه الملاحظة، وعليهم أن يتداركوها في السنوات المقبلة بحيث يتم تخصيص جائزة ضمن شروط على هامش الجائزة الكبرى والمسابقة نفسها».
الجمري الذي فاز بالمركز الأول لجائزة الشيخ الجمري للشعر العربي أكد بالقول: «إن الفوز بجائزة تحمل اسم أب المجاهدين في مملكة البحرين، واحدة من نقاط الضوء الشحيحة في حياتي، منحتني الكثير من الاعتزاز والفخر، إضافة إلى الإحساس بالمسئولية أكثر من أي وقت مضى. لأن الرجل يمثل لي الكثير وكان تأثيره في مسارات عدة في تجربتي الشعرية، وخصوصا التقليدية منها بداية تجربتي، كان حاضرا... موجها... مشجعا وصريحا في الوقت نفسه».
تقييمه للتجربة جاء بالقول: «الاخوة في مأتم سار تجاوزوا الأطر المكررة في الفعاليات والأنشطة، التنظيم كان غاية في الروعة والاتقان، اللجنة كانت على قدر كبير من الإمكانات العلمية والمعرفية، استطاع أعضاؤها أن يفعّلوا أدواتهم النقدية في قراءة النصوص وتحكيمها، وفوجئت بمستوياتهم حقيقة، والغريب أنهم على رغم إمكاناتهم متوارون عن المشهد النقدي البحريني. أعتقد أن تجربة الاخوة في مهرجان أبي تراب الشعري، تمثل نموذجا مشرفا لما سيأتي من فعاليات في السنوات القليلة المقبلة».
الحائز المركز الثاني في المسابقة فاضل رحمة، الذي يشارك للعام الثاني على التوالي وجد أن القصائد المشاركة لهذا العام أفضل وأقوى، إذ إن اللجنة المنظمة قامت بإخطارهم قبل فترة كافية كي يقوموا بإعداد أعمالهم، بخلاف العام الماضي؛ ما أثر إيجابا في نوعية المواد المقدمة.
رحمة أكد أن المهرجان تميز بوجود المشاركين من الجنسين، إذ وصفها بأنها «بادرة ممتازة، وأنا أؤيد هذه المشاركات؛ لأنّا نريد إبعاد صورة تهميش المرأة عن مجتمعنا، إلا أني كنت أتمنى أن يقوم كل شخص بإلقاء قصيدته، وما حصل هذا العام هو إلقاء بديل عن المشاركات، ولكن إلقاء الشخص لقصيدته ينقل الإحساس بشكل أفضل».
تشاركه في رأيه الحائزة المركز الثالث زهراء المتغوي، التي تؤكد أنها تؤيد فكرة أن الشاعر هو الوحيد القادر على نقل إحساس الكلمات، إلا أنها تضيف «أعراف المجتمع هي التي تحكم، ولكني أحس أني لو ألقيت لكان الأداء أفضلَ».
المتغوي لها سجل من المشاركات في المهرجانات الشعرية، وهي إذ تؤكد احترامها نتائج التحكيم، فإنها كانت تتوقع لقصائد أخرى الفوز بخلاف النتائج التي ظهرت؛ ما يجعلها تؤكد ضرورة تحديد معايير التقويم بشكل مسبق، إذ تعبر بالقول: «صُدِمت حينما حصلت على المركز الثالث، إذ كنت أتوقع نتيجة أفضل، ولكني واجهت مشكلة أن قصيدتي تتكون من 70 بيتا، وطلبت اللجنة مني 30 بيتا فقط؛ ما سبب خللا في التوازن العام للقصيدة».
العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ