توفي مساء أمس الأول الأمين العام لاتحاد الصحافيين العرب منذ 1996 صلاح الدين حافظ عن عمر ناهز 70 عاما بعد صراع طويل مع مرض السرطان بحسب ما أعلنت نقابة الصحافيين المصريين. هذا كان هو الخبر الذي بثته وكالات الأنباء، وهو خبر محزن للصحافيين العرب، ومحزن لنا في «الوسط»؛ لأن الأستاذ صلاح الدين شرّف صفحات «قضايا وآراء» منذ بداية صدور الصحيفة حتى وفاته، وكانت كتاباته تُعبِّر عن تلك الروح الإنسانية التي تتسامى عاليا وتحلّق فوق المشكلات لتحللها وتعيدها إلى جذورها، وكان ملتزما بالمبادئ.
صلاح الدين حافظ شغل عدة مناصب في صحيفة «الأهرام»، وكان الدينامو المحرك لاتحاد الصحافيين العرب، كما كان يسعى دائما إلى لمِّ الشمل. كان رحمه الله عندما يزور البحرين يشرفنا في صحيفة «الوسط» للحديث عن القضايا التي تهمنا جميعا، واتصل بي في مطلع هذا العام وأخبرني برغبته في مشاركتي في لجنة الحريات التابعة لاتحاد الصحافيين العرب، وكان جوابي له أنني تحت تصرفه إذا كان يرى في وجودي فائدة لدعم الحريات الصحافية في عالمنا العربي.
لقد كانت سيرة صلاح الدين حافظ نبراسا لنا جميعا، وقد أصدر على مدى حياته المهنية 15 مؤلفا آخرها «تحريم السياسة وتجريم الصحافة»، وتبنّى مواقف سياسية مستقلة وظل يدافع عن الحريات العامة والحريات السياسية وحرية التعبير وعن العدالة الاجتماعية وانتقد السلطة السياسية بجرأة حتى آخر أيامه. وقبل وفاته بعدة أشهر أطلق دعوة إلى عقد مؤتمر للمثقفين المصريين لتشخيص المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها مصر ووضع تصور لعلاجها، ولكن ظروف مرضه منعته من تحويل هذه الدعوة إلى واقع.
لقد كرَّس صلاح الدين حافظ حياته للدفاع عن حرية الصحافة والرأي والتعبير وحث الصحافيين العرب على العمل النقابي للدفاع عن الحريات، ودعا إلى التطور الديمقراطي والعدالة الاجتماعية في الوطن العربي، وقد قال في كتابه الأخير إن «الصحافة في جوهرها تشتغل بالسياسة، والسياسة من ناحيتها تمارس الصحافة، والمعني هنا أن الصحافيين سياسيون بالضرورة، والسياسيين صحافيون بحكم العمل».
لقد استطاع صلاح الدين حافظ أن يحفظ سمعة الصحافي العربي في وسط التلاطمات السياسية التي عصفت ومازالت تعصف بنا، ولذلك فإن التحاقه بالرفيق الأعلى يعتبر خسارة للجسم الصحافي العربي قاطبة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2265 - الإثنين 17 نوفمبر 2008م الموافق 18 ذي القعدة 1429هـ