العدد 1789 - الإثنين 30 يوليو 2007م الموافق 15 رجب 1428هـ

عكس المعادلات

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

نستطيع أن نقول ان فوز المنتخب العراقي الشقيق ببطولة آسيا لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه شكل انقلابا كاملا في المعادلات التي تحكم لعبة كرة القدم!.

فالعراق تملك ربما أضعف دوري على المستوى الآسيوي من خلال المشكلات التي تعاني منها البلاد والتي تعيق في الكثير من الأحيان لعب المباريات إن لم تؤد إلى إلغائها تماما.

فما يعانيه العراق لا يخفى على أحد ليس من الآن ولكن منذ انطلاقة سلسلة حروبه المتتالية التي أدت إلى إهلاك الحجر والبشر بشكل أدى إلى تحول أكثر الدول العربية تقدما إلى أكثرها تخلفا!

هذا الواقع الصعب فرض على العراق أن يرتب أولوياته بشكل جعل الرياضة ربما في آخر اهتماماته مقابل الأمن والاقتصاد والإعمار.

وهذا الأمر طبيعي لأي بلد يعاني ما يعانيه العراق، فالبلدان المتقدمة لا تكون الرياضة في صدارة أولوياتها فكيف ببلد مثل العراق!

الدول الخليجية الأخرى تصرف على الرياضة وعلى كرة القدم خصوصا أضعاف أضعاف ما يصرفه العراق، ولكن الإخفاق كان نصيبها في معظم مشاركاتها الآسيوية باستثناء المنتخب السعودي.

الغريب أن تحقيق العراق للبطولة الآسيوية وهو في خضم كل هذه الظروف الصعبة جاء على حساب عمالقة آسيا أمثال كوريا الجنوبية واليابان اللتين تمتلكان أقوى الدوريات الآسيوية والسعودية التي تمتلك أقوى دوري عربي وإيران والصين وغيرها.

فكل هذه الدول تنعم بحال من الاستقرار والأمان تسمح لها بالتفوق على المنتخب العراقي من الناحية المنطقية. فمنطقيا كان من المفترض أن يخرج العراق من الدور الأول أو لا يتأهل أصلا للبطولة أو حتى لا يشارك فيها بسبب ظروفه الحالية، ولكنه استطاع بدلا من ذلك أن يخطف اللقب على رغم أنه المنتخب الوحيد الذي لم يلعب أية مباراة رسمية أو ودية على ملعبه في العراق منذ أكثر من 4 أعوام!.

فوز العراق بالبطولة الآسيوية شكل انقلابا وانعكاسا كليا للمعادلات التي تحكم الرياضة عموما وكرة القدم خصوصا، إذ كيف لبلد لا يمتلك دوريا منتظما أن يحقق بطولة قارته وأن يصنع كل هؤلاء اللاعبين المميزين؟!

ما فعله العراقيون دليل على ما يتمتع به اللاعبون من إصرار غريب على تحقيق المستحيل وتحويل الألم إلى قوة دفع باتجاه الأفضل بدل أن يكون معوقا لهم باتجاه الأسوأ.

العراق وعندما كان في أوج عطائه الكروي وفي أوج استقراره لم يستطع أن يحقق ما حققه أخيرا وهذه مفارقة تدلل على ما وصلت إليه الكرة الآسيوية حاليا!.

وما حققه المنتخب العراقي يبين أيضا أن أي منتخب في القارة الآسيوية يضم في صفوفه لاعبين جيدين هو قادر على تحقيق نتائج مميزة وتحقيق البطولة أيضا من دون الحاجة إلى ما يتطلبه ذلك من إمكانات كبيرة في القارات الأخرى.

إن المستوى الكروي للقارة الآسيوية يعطي الفرصة للجميع للمنافسة، إذ لا مستويات متقدمة جدا لا يمكن مقارعتها كما هو الحال ربما في أوروبا وأميركا الجنوبية.

عموما، قدم العراقيون في مواجهة المنتخب السعودي الشقيق واحدة من أفضل مبارياتهم التي ستبقى عالقة في الأذهان طويلا، بعد أن سيطروا على جميع المجريات منذ البداية وحتى النهاية، وكان بإمكانهم في أكثر من مناسبة مضاعفة النتيجة، في الوقت الذي بدا فيه المنتخب السعودي تائها في الملعب. واستحق العراقيون الفوز في النهائي بكل جدارة، ولكن الأهم من الفوز بالبطولة بالنسبة للعراق وخسارة السعودية لها هو ما عبرت عنه صحيفة الوطن السعودية بقولها: «خسرنا المباراة... لكن كسبنا عراقا موحدا» وهو المكسب الحقيقي للعراق.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 1789 - الإثنين 30 يوليو 2007م الموافق 15 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً