العدد 1788 - الأحد 29 يوليو 2007م الموافق 14 رجب 1428هـ

إنه مشرع طائفي وفاسد وخاذل لشعبه ووطنه!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

تواصلا وتضافرا أخويا مع المقالات الجميلة التي سطرتها أقلام الزملاء الأعزاء محمد العثمان «السلوك الطائفي ضربا من ضروب الفساد» وحيدر محمد «عشاق التغيير لا يقيسون بالأسوأ!» والتي تتمحور حول الطائفية والفساد، وفي كون القوة والبديل المنوط به التغيير مصاب بذات الداء الخبيث الموهن لعافية المجتمع والمهدد لاستقراره الوطني، فإننا نجد بصراحة في برلماننا الذي ناضل واستشهد لأجله المناضلون، وهو الذي لم يكن أساسا على حجم الآمال والتطلعات إلا أن الكثير من النماذج الحية التي تجسد تلك الخصال المذمومة والوقائع الأليمة، والتي يكفي وجودها في هذا البرلمان بحد ذاته المشفوع برسم انتخابي شعبي من الوزن الثقيل وبهالة «نورانية» و»إيمانية» مسكوكة سياسيا في أن يزيح أي أمل بالتغيير والإصلاح والإنصاف المنشود، بل هو يكنس جميع الآمال ويرمي بها في «مزبلة» الخيبة التاريخية العظمى، وهو وحده الكفيل بفطر قلوب المناضلين الوطنيين الشرفاء الذين ضحوا بكل ما لديهم من متاع الحياة لأجل هذا البرلمان الذي لم يتوقعوا أن ينالوا ثمرته الفجة منخورة بالدود!

أحد تلك النماذج الدودية المفسدة والناخرة لثمرة هذا البرلمان الحصرم والتي تقف عقبة وعثرة أمام التغيير يمتهن تجسيدها نائب على رغم أنه بلغ من الكبر عتيا واشتعل رأسه شيبا ، وعلى رغم تزكيته الدينية وأمانته المجتمعية التي يحملها معه، ومع بروزه في شتى المناسبات المنعقدة بمختلف المحافل الاجتماعية والسياسية لقوى المعارضة الإصلاحية في البلاد فإن جميع تلك العوامل الزمكانية لم تغير من عقلية نائبنا هذا، كما أنها لم تهذب طباعه وأخلاقه تبوئه للكثير من المقامات والمناصب التي كان من المفترض أن تجعل منه صاحب كلمة سواء ومنسقا وجامعا ومكملا لجميع الآراء ووجهات النظر المتعددة بشأن مختلف القضايا الوطنية، وعلى رغم ادعاء النضج عمريا فإننا ولضروب سلوكية مجربة واعتمادا لشهادات المواطنين الذين خاب ظنهم من هذا النائب وأمثاله، يمكننا القول إن هذا النائب أصلا لم يبلغ النضج القيمي الإنساني والوطني حتى يقال إنه بلغ النضج السياسي والتشريعي، وهو ما سيضر بالسمعة والمصلحة الوطنية المسكوبة أولا قبل سمعة العملية التشريعية الملتاثة طائفيا!

ولعل بعضا من غيض فيض هذا النائب هو ما رواه لي أحد المواطنين والذي كان ومازال متقدما الصفوف النضالية الوطنية بنبرة مكلومة عن حال أحد أقاربه مع هذا النائب حينما اشتكى له عن ما يرتكبه أحد الأطباء من أخطاء طبية فادحة أضرت كثيرا بالمواطنين عسى أن يرفع هذه الحالة إلى اللجنة المختصة بالبرلمان لتتولى النظر في هذا الموضوع بحكم زمالته التشريعية معهم، إلا أن هذا المواطن صدم كثيرا من إجابة النائب الذي أبدى تردده وارتيابه من أن يكون هذا الطبيب من «الجماعة» و»الطائفة» نفسها التي ينتمي إليها النائب وهو ما يعد جرما وعيبا كبيرا في أن يتم التحقيق معه وكشفه، فلا يضير النائب أن يخذل الوطن بمسمى ونفس طائفي مقيت يضر بمصلحة الطائفة قبل غيرها!

وواصل المواطن سرد حسرته من موقف هذا النائب المفجع وطنيا وإنسانيا، فسلوك النائب المريض يدل على مدى هيمنة الحس الطائفي غير السوي على الجانب الإنساني منه قبل الجانب الوطني، فهو مستعد لأن يغض الطرف عن معاناة وصحة المواطنين إذا ما اصطدمت تلك المعاناة والآلام والجراح الإنسانية بحاجزه الطائفي الذي يحرم أبناء الشعب من بلوغ شواطئ الحلم لبلوغ ضفاف الإصلاح والتغيير، فقياسا على حجم ارتياب النائب فإن ارتكاب الجرائم والجنايات الطائفية التي يكون فيها أبناء طائفته جناة قد يبعث ويدعو للتهاون والتساهل معهم والتستر عليهم حتى لا تتضرر «الطائفة» من ذلك، وليذهب القانون والوطن حينها إلى الجحيم!

ماذا لو كان هذا النائب الطائفي هذا الفاسد الانتهازي قد بلغ مكانة سلطوية أعلى؟!

أليس ذلك وحده كفيلا بتدمير الوطن؟!

ماذا لو كان لهذا النائب في البرلمان وقبلها في مجتمعنا أمثال عدة تتكاثر وتتناسل أفكارها ورؤاها ومناظيرها في المستنقعات المجتمعية الآسنة كالبعوض؟!

ولم أكمل خيبتي وحسرتي من ما ذكره هذا المواطن حتى انتقلت إلى مواطن آخر عبّر عن شديد نقمته من فعل هذا النائب الذي يمثل دائرته، فروى لي قصة شقيقته التي تضررت سيارتها في حوادث الشغب فتحطم زجاجها الخلفي جراء طلقتين مطاطيتين، وفي حين أنها وجدت تجاوبا سلسا من قبل الجهة المعنية التي أصدرت لها وثائق وثبوتات وشهادات رسمية عن تلك الأضرار إلا أنها وجدت ترفعا وصدودا مهينا من قبل هذا النائب نفسه الذي صدها قائلاُ لها ما معناه «لست متفرغا لك... لدينا قضايا أهم وأكبر!»، فذهب عنها دونما اعتذار إلى «مسائله» و»قضاياه» التي لم يجد لها الشعب أي صوت أو صدى أو صورة في البرلمان سوى يافطات المتاجرة السياسية الاستهلاكية!

فهل سيصمت النائب لو تعرضت سيارته «الكشخة» للأضرار ذاتها ويؤجل إصلاحها حتى ينهي سنواته البرلمانية «العسل» القادمة، وينهي معها جميع قضايا الشعب قضية قضية وخروفا خروفا؟!

هذا النائب لم يرتح فقط للمجاهرة بطائفيته أمام مواطنين من طائفته استنكروا عليه هذا الفعل الآثم وفضحوا طائفيته ولا إنسانيته لكونها لا تتسامى مع ما دعا إليه من إصلاح وتغيير، بل إنه خذل أبناء الوطن جميعا بكل طوائفهم وإثنياتهم خصوصا، وأنه يسعى بذلك وبشكل جهيد إلى المصادقة وربما الارتزاق من باذري الفتن الطائفية والقلاقل التقسيمية في هذا البلد من أعداء الشعب، عسى أن يجد له دورا بارزا يليق بـ «دبته» السياسية الطائفية في إحدى المسرحيات الطائفية الهابطة!

أجزم والله بأن عقلية وطباع هذا النائب المفترض أن يمثل دستوريا جميع طوائف الشعب واثنياته المتعددة قد بلغت منه مبلغا جعلت من الجميع يحسبونه كائنا طائفيا لمواقف عدة يطول ذكرها، أو أن أساسه الأخلاقي قد صب بزئبق وقار الطائفية صبا، وصهر بأمراض وويلات المجتمع المتخلف صهرا، بل هو فاسد وانتهازي لكونه طائفيا، والأنكى من ذلك أنه خاذل لشعبه ولتضحيات وعذابات زملائه الذين يسيئ لهم كثيرا وجوده بينهم، فلا سن كبير ولا شهادة ولا تزكية دينية قد فلحت مع الفطرة السلوكية الطائفية المريضة لهذا النائب، والتي يحاول أن يغلفها ويخفيها على الدوام بأرتال من الشعارات السياسية الاستهلاكية الرخيصة، ولا أعتقد بأن أي وشم أو «تاتو» وطني على زند أو جبين أو خد هذا النائب كفيل وحده بمعالجة الخلل!

ما يحتاجه بنظري هذا النائب المصاب بفقر دم وطني منجلي حاد، والذي بلا شك يحمل معه جميع علل التنشئة والارتقاء الاجتماعي من وجهة نظر موضوعية، ربما هو التبرع له بالمزيد من الدماء الوطنية عسى أن يشد على نفسه ويطور من مستوى عقليته ويعبأ بتنظيف نفسيته!

فلربما يرضى عنه شعبنا الأصيل مرة أخرى، ويغفر له بعد أن يراجع هذا النائب نفسه، فهذا الشعب الكادح المثابر الذي لا يكل من محاسبة نوابه وتنظيف شواطئ الأماني والآمال البلورية الزرقاء من «فغاليل»* الوعود الشاحبة والمتفسخة لهذا النائب والمتناثرة جثثها على سواحلها، فهي وعود سابحة وطافحة كالـ «فغاليل» لزجة وهلامية «زفرة» تثير الحكة والنفور والاشمئزاز كلما اقتربت منها، وقد تكون وعودا منتنة وسامة!

عذرا لك يا شعب، وأملنا لك بالتعويض العادل من ظلم ذوي القربى المتأتي من دعاة التغيير والإصلاح قبل الظلم والجور المعشوشب في أنحاء كثيرة، فظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند كما قال ذلك المواطن القتيل «طرفة بن العبد» في أحد الأيام، وأضاف حينها:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

ويأتيك بالأخبار من لم لا تزود

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقارن يقتدي!

@ فغاليل: هو المسمى العامي لقناديل البحر.

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1788 - الأحد 29 يوليو 2007م الموافق 14 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً