عقب زيارته الاستعلائية الجزائرَ ورفضه الاعتذار عن الأخطاء الفادحة التي راح ضحيتها مليون شهيد والتي ارتكبتها بلاده هناك وكذلك تحقيقه انتصارا مزيفا بشأن قضية البلغاريات في ليبيا، أخذ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يسوّق نظرياته السياسية الجديدة بشأن العلاقة مع إفريقيا وكيف أنه سيساعدها على التنمية. فقد أعلن الرجل متماديا في الاعتزاز بماضيه خلال زيارة للغابون والسنغال أنه لا يمكن تحميل الاستعمار مسئولية الفساد والدكتاتوريين والإبادة في القارة. ودافع ساركوزي عن القيود التي فرضتها فرنسا على الهجرة وتطبيق هجرة منتقاة.
من الواضح أن الرئيس الفرنسي يريد أن يكون صديقا لإفريقيا عندما يأتي متنزها فيها وحينما يرجع إلى باريس يصمها بالعار ويطرد أبناءها. إنه يَعِد بوحدة أوروبية وإفريقية ولكنه في الحقيقة يريد تحويل أوروبا إلى حصن للدول الغنية على حساب الفقراء.
ببساطة، نظريات ساركوزي فيها عدم نزاهة فكيف يعطي إفريقيا دروسا في التنمية وفي الوقت نفسه يفكر في سرقة ثرواتها البشرية من خلال الهجرة المنتقاة. مر نصف قرن على استقلال الدول الإفريقية من دون أن تتحسن أوضاعها. وليس من اللائق الإعلان أن هذه الدول تتحمّل جزءا من المسئولية عن معاناتها بطريقة وقحة لشطب تداعيات الاستعمار. حتى دكتاتوريو القارة الذين بقوا جاثمين على صدور شعوبهم ما كانوا ليتمكنوا من الحكم لولا رغبة المستعمر في ذلك. فهؤلاء يودعون الأموال الضخمة في مصارف الغرب.
إذا، ما ذهب إليه ساركوزي لا يعدو كونه جدلا بيزنطينيا لا يساهم كثيرا في إقناع أجيال المستقبل.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1787 - السبت 28 يوليو 2007م الموافق 13 رجب 1428هـ