تُذكر سائر الأمم بأخلاق ناسها وأهلها أو فعل ساستها وقادتها فكم من قصص سردتها رسالات الأنبياء والمرسلين وكم من كتب دونت حكايات الأولين الشقي منهم والسعيد وهي حالات إما من ناتج تصرفات أفراد قادوا أمما أو جماعات تعصبت لمبدأ، فمثلا أتباع الديانة اليهودية استغلوا الرسالة الإلهية المنزلة عليهم إلى حد أن جردوها من أسمى معانيها وحدودها وقوانينها، فبدل أن تكون رسالة إلهية لجميع البشر دفعوها دفعا إلى زاوية الانغلاق والتعصب وإلى نزعة التميز وصفوة العرق اليهودي عن باقي الامم، وعلى أثر ذلك الوهم سلبوا حقوق الآخرين وبغوا في الأرض، قتلوا الرجال وعبّدوا الأولاد وأستحيوا النساء فسادوا وعلوا علوا كبيرا حتى جاءت الرسالة النصرانية التي ألغت كل ذلك التميز والتفرد وزادوا عليه إلى حد الشرك حتى بتفرد وحدانية الخالق.
كان الشرك عنوانهم، ميّزوا أنفسهم بتلك النزعة حتى مدوا أبصارهم إلى كل ما لدى الآخرين وإلى ما وراء كل خيال، لا شيء كان يرضيهم، غزوا دول العالم جمعيا واستعمروها وأنتزعوا خيرات الشعوب وحطموا حياتهم إلى أن جاءت الرسالة المحمدية التي أختلفت عن هذا وذاك، حاربت كل تعصب وكل تميز والشرك بالله. كان مضمون الرسالة هو العدل ودافعها إحقاق الحق وسواسية أبناء البشر كأسنان المشط لهم حقوق وعليهم واجبات تجاه كل البشر والشجر والحجر.
اكتسحت الرسالة المحمدية مشارق الأرض ومغاربها لأنها خاطبت العقل وحاربت النفس الأمارة بالسوء لذلك انتصرت لأنها وضعت الأخلاق عنوانا لها فقهرت قوى العالم أجمع ودحرت براثن الشرك والتعصب في كل جانب وصهرت شعوب العالم في خير أمة أخرجت للناس ما أفزع المتطرفين من اليهود والنصارى الذين أوغر الحقد قلوبهم حينما شعروا أن الأرض تتناقص من تحت أرجلهم ولهذا وذاك جندت عصابات التميز اليهودي والشرك النصراني مجموعات من الصفوة اليهودية والنصرانية في عصابة دولية أسموها الصهيونية العالمية ممن تخصصوا في كل الاتجاهات العلمية والاقتصادية والشريعة الإسلامية لمحاربة الإسلام ودخلوا من منافذ تخصصاتهم على دولة الإسلام من كل حدب فحققوا انتصاراتهم الواحدة تلو الأخرى بعد أن دسوا زبانيتهم لتُسهل مهامهم وإلى لخبطة كل التعاملات الإسلامية بين الأفراد في كل أقليم حتى فقد العدل معناه والصدق مميزاته بين عامة الناس فأصبحت دولة الأسلام مسرحا وملعبا للهجمة الصهيونية في كل مربع إسلامي، وبذلك الفعل بدأت الدولة الأسلامية المترامية الأطراف تفتقد الثقة بين أقاليم بعضها بعضا وتتفكك حلقاتها الواحدة تلو الأخرى، كان أولها إسبانيا وتلتها فلسطين ثم أفغانستان والعراق والباقي يأتي. نسألك اللهم اللطف بنا.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 1786 - الجمعة 27 يوليو 2007م الموافق 12 رجب 1428هـ