الأخبار الجديدة الطازجة تأتيكم من بريطانيا هذه المرة! فإلى جانب أخبار حنين الطيور البريطانية المهاجرة لزيارة البلدان التي كانت مستعمرات تحت التاج البريطاني، لا أعاد الله تلك الأيام، فإن هناك نشاطا دؤوبا من قبل رئيس الوزراء السابق، طوني بلير، الذي عيّنه حليفه جورج بوش مبعوثا للجنة الرباعية لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو المعروف في المنطقة والعالم، بما فيها بلاده، بصفته أحد دعاة الحرب الأشداء.
بلير الذي تورّط في أخرعهده بفضيحة «المال مقابل التشريفات»، بحصول حزبه على قروض سخية من أشخاص مقابل تشريفات ملكية، اختار في يومه الأخير في الحكم أن يهاجم الصحافة في بلاده، من مقر وكالة «رويترز» للأنباء! ولم يكتف بعرض علة واحدة بل ذكر خمس «علل» أصابت الصحافة دفعة واحدة بسبب «تنافسها على استمالة الجمهور»! وخصّ بالذكر صحيفة «الإندبندنت»، التي سرعان ما ردت عليه بالاسم، بنشر مقال لرئيس تحريرها، على صدر الصفحة الأولى، وبالبنط العريض: «هل كنت ستقول هذا سيد بلير، لو أننا أيدنا حربك في العراق؟».
أما الجديد والمثير فهو ما نقلته الـ «بي بي سي» عن مقاضاة «الجمعية البريطانية لإلغاء تشريح الحيوانات» للحكومة البريطانية بسبب «التقاعس عن أداء واجبها في وضع حدٍّ لمعاناة الحيوانات التي تتعرض للتجارب المعملية». وجاءت مقاضاة الحكومة تزامنا مع قيام وزارة الداخلية البريطانية بنشر بيانات وإحصاءات أظهرت أن هذه التجارب بلغت 3 ملايين تجربة العام 2006، وهو ما يمثل زيادة قدرها 4 في المئة عن السنوات السابقة، وهي بطبيعة الحال زيادةٌ فظيعةٌ لا يحتملها الضمير الإنجليزي المرهف، ما يتطلب «إعادة التفكير» في هذه التجارب الوحشية التي تؤذي الفئران!
أمام هذا الاحتجاج الإنساني، يدافع بعض العلماء بالقول إن التجارب ضرورية للتوصل إلى عقاقير طبية لعلاج أمراض تهدّد حياة الإنسان نفسه، وتنقذ الجنس البشري من شر الآفات والأمراض. وبالمقابل أعلنت «الجمعية البريطانية لإلغاء تشريح الحيوانات»، أن المحكمة العليا في لندن ستنظر القضية التي رفعتها ضد الحكومة بسبب ما تتعرض له حيوانات التجارب المسكينة. وتسعى الجمعية للحصول على إعلان بفشل الحكومة في ضمان إبقاء ما تتعرض له الحيوانات من معاناة في أقل نطاق ممكن، مع مطالبة القاضي بأن يأمر وزارة الداخلية بإعادة النظر في إجراءاتها.
أما الداخلية فرفضت بشدة دعاوى الجمعية الباطلة، وقال ناطق باسمها «إن المملكة المتحدة تطبق نظاما من أشد النظم صرامة فيما يتعلق بإجراء التجارب على الحيوانات، ولا تبيح هذه التجارب إلاّ إذا اقتضت حاجة البحث وبعد استنفاذ كل الطرق والوسائل الأخرى، مع ضمان أن يظل ما تتعرض له الحيوانات في أضيق نطاق ممكن».
وأضاف الناطق أن «الداخلية البريطانية تقوم بممارسة اختصاصاتها بانتظام بموجب القانون، وبمنتهى الاهتمام، ولذلك فإننا نرفض تماما كل ادعاءات الجمعية». لكن لغة الأرقام، تكشف أن الحصيلة الكلية للحيوانات التي أجريت عليها تجارب العام الماضي وحده بلغت 2.95 مليون حيوان بريء!
لله در بريطانيا العظمى، تناقش معاناة فئران التجارب، وتتألم لتألمها، وتقاضي وزارة داخليتها، لكنها لم تفكّر بعد في محاسبة المسئول الثاني عن كل الدم الجاري في شوارع العراق!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1785 - الخميس 26 يوليو 2007م الموافق 11 رجب 1428هـ