ومن هولندا خصوصا، وأوروبا والعالم النامي عموما نجد مشهد الأجور غير المتساوية يتكرر في العديد من البلدان الغربية كل على حدة. ففي فرنسا، على سبيل المثال لا الحصر، تكشف كاتبة مقرّها في نيم، فرنسا، ومعلّقة في إي ومينز نيوز بريجيت أفلالو- كالديرون في مقابلة أجرتها مع سيغولين رويال بعد فشل الأخيرة في الوصول إلى كرسي الرئاسة كأول رئيسة في فرنسا، عن واقع المرأة الفرنسية المحزن على صعيد التفاوت في الأجور مع الرجل الفرنسي. تقول سيغولين: «تحتاج مسألة أجور النساء الإنتباه السياسي الملّح. فعلى مستويات التأهيل الأكاديمي كافة، تفوق أجور الرجال أجور النساء».
ثم تضيف رويال قائلة: «إنّ دراسة قامت بمقارنة الأجور بين النساء والرجال في المناصب المتساوية وبشهادات متساوية من المدارس الفرنسية العليا أظهرت أنّ الأجور التفاضلية موجودة منذ الوظيفة الأولى (%18). وبعد ذلك، تتوسّع الفجوة إلى 24 في المئة في منتصف الوظيفة وحتى النهاية».
وتخلص سيغولين إلى القول «إنّ أجور النساء كمعدّل أقلّ بـ 19 في المئة من أجور الرجال استنادا إلى النساء والرجال العاملين في دوام كامل. بالإضافة إلى الأجور الأدنى للعمل المتساوي، تكدح النساء في القطاعات التي تقدّم الأجور المتدنية في الإقتصاد. وتبقى النساء ممثلات بشكل كبير في القطاع الرسمي إذ يشكّلن 71 في المئة من مجموع القوة العاملة. و 30 في المئة من النساء العاملات دواما كاملا هن موظفات في الخدمات الأهلية، مقابل 17 في المئة من الرجال. في المقابل، إنّ النساء في القطاع الخاص هنّ تحت المعدّل. فيشكلن فقط 7 في المئة من المدراء في الشركات الرئيسية في فرنسا البالغ عددها 5,000 شركة». ومن فرنسا ننتقل بالحديث عن عدم تساوي الأجور بين النساء والرجال إلى سويسرا، ففي سويسرا ليست المسألة بالأمر الجديد أو المفاجئ. لكن الدراسة التي أعدها البروفسور إيف فلوكيغر عن اليد العاملة النشيطة في القطاع الخاص بكانتون زيوريخ (التي تمثل خُمس القوى العاملة في سويسرا) كشفت عن وجه جديد من أوجه الخلل القائمة في هذا المجال.
فقد اتضح للفريق الذي أشرف على إعداد الدراسة أن السن يبقى – في ظل تماثل جميع المعطيات الأخرى – عاملا حاسما فيما يتعلق بأجور النساء. إذ تقل أجور النساء اللاتي تزيد أعمارهن عن 45 عاما بنسبة 34,5 في المئة عما يحصل عليه الرجال في السن نفسه، في حين أن معدل الأجور التي يتحصل عليها النساء في سويسرا – من جميع الفئات العمرية - يقل بنسبة 27,7 في المئة عن مداخيل الرجال. ويشير إيف فلوكيغر إلى أن «هذه الفوارق أكثر أهمية في سويسرا مما هو عليه الحال في باقي الدول الأوروبية». ولاتتوقف الفوارق عند الأجور بل تتعداها إلى الحضور في المواقع القيادية. إذ لايتجاوز تمثيل النساء من هذه الفئة العمرية (أي أكثر من 45 عاما) في صفوف الأطر العليا 7,7 في المئة (مقابل %18.9 بالنسبة للرجال) و 9,7في المئة في الأطر المتوسطة (مقابل %17.2 بالنسبة للرجال).
ومن الواضح أن النساء يجدن صعوبات كبيرة في الإرتقاء في السلم الوظيفي والوصول إلى المناصب القيادية العليا وهو الأمر الذي من شأنه أن يُـرفّع في أجورهن. ويذهب البروفسور فلوكيغر إلى أن «الأفكار المُسبقة لا زالت تمثل عقبة عند الترقيات» على رغم أن أحدث الدراسات أثبتت أن ما يُنسب مثلا للأمهات من تعدد الغيابات عن العمل «لايستند إلى أساس» على حد تعبيره.
بقي أن نعرف أن سويسرا صادقت على المعاهدة الأممية من أجل القضاء على التمييز تُجاه النساء في العام 1997، وبدأ العمل بقانون المساواة فيها يوم 1 يوليو/تموز 1996. لكن لاتزال سويسرا ضمن الدول الأوروبية القليلة التي لا تُوجد فيها تأمينات على الأمومة. كما أن نصف النساء السويسريات لا يشتغلن الوقت كاملا، وهذه النسبة لا تزيد عن 10 في المئة في صفوف الرجال
أما في الولايات المتحدة فيشير مكتب الإحصاءات العمالية إلى أن معدل أجور النساء الأميركيات يبلغ 81 في المئة من معدل أجور الرجال الأميركيين. ولكن الدراسة أظهرت أنه عندما تحتل نساء أكثر من 50 في المئة من المناصب الإدارية الرفيعة ترتفع أجور النساء بحيث تصبح 91 في المئة مما يتلقاه الرجال. وتنخفض أجور الرجال قليلا عندما يشغل مزيد من النساء مناصب إدارية رفيعة أو غير رفيعة.
من جهة أخرى أظهرت دراسة وطنية أخرى قدمت في مونتريال ان النساء الأميركيات يكسبن أجورا أكثر من السابق، وأصبح الفارق بين دخل الجنسين أقل في حال وصولهن إلى وظائف عليا في مجال الإدارة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1784 - الأربعاء 25 يوليو 2007م الموافق 10 رجب 1428هـ