ولم تكن البلاد العربية بعيدة عن موجة الخصخصة هذه، والتي يتحدث عنها بإسهاب تقرير صدر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، تناول تطورات التخصيص فى بعض الدول العربية.
وتقول أرقام التقرير أن عائد عمليات التخصيص بلغ علي مستوي العالم العام 1997 نحـو 170 مليار دولار، انخفضت إلي 148 مليار دولار العام 1998 بتأثير الأزمة الآسيوية ثم ارتفعت العام 1999 إلي نحـو 159 مليار دولار، وتركزت معظم العمليات فى قطاع الاتصالات.
ثم يمضي التقريق قائلا إنه علي الصعيد الإقليمى، وفقا للبيانات التفصيلية المتوفرة، بلغت حصة الدول العربية من عائد عمليات التخصيص التى تمت علي مستوي العالم نحـو 3 في المئة العام 1997؛ انخفضت إلي 1.7 في المئة العام 1998 مقارنة مع ما تم تحـقيقه فى أميركا اللاتينية 2.3 في المئة وفى أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفييتى السابق 4 في المئة. وسجلت خمس دول عربية هى مصر والأردن وتونس والمغرب والكويت ما قيمته 1.055 مليار دولار العام 1998. وشهد العام 1999 مجموعة من التطورات فى مجال التخصيص فى عدة دول عربية، وتعمقت مشاركة القطاع الخاص فى قطاع البنية الأساسية، باستخدام أسلوب البناء والتشغيل والتحويل (BOT) وخصوصا فى مشروعات الطاقة الكهربائية وإقامة محطات توليد الكهرباء المستقلة (كما فى الإمارات العربية المتحدة والأردن واليمن وجمهورية مصر العربية). وتقدر الدراسات المتخصصة احـتياجات الدول العربية خلال السنوات العشر المقبلة من الكهرباء بـ 100 ألف ميغاوات، ومن المياه الناتجة عن مشروعات التحلية 800 مليون غالون يوميا بكلفة تقديرية تبلغ 300 مليار دولار. وجميع هذه المشروعات بحاجة إلى ديناميكية القطاع الخاص كما يرى التقرير.
وبشأن الخصخصة في دول مجلس التعاون، يرى الخبير الاقتصادي جواد العناني، في محاضرة قدمها في مؤتمر»خصخصة المرافق الأساسية والأسواق المالية وفرص الاستثمار» المنعقد في أبوظبي في منتصف 2005 والمعنونة «حول الخصخصة وفرص الاستثمار»، إن منطقة الخليج « تحتاج ما بين 50 و70 مليار درهم لتلبية الطلب المتزايد من الماء والكهرباء خلال السنوات العشر المقبلة إذا بقي النمو السكاني ضمن معدلاته الحالية. موضحا أن الخصخصة تعد الحل المناسب لتأمين الطلب المتزايد على الماء والكهرباء لأن الحكومات غير قادرة على الإنفاق على هذين القطاعين بمبالغ كبيرة في الوقت الذي تزداد متطلبات القطاعات الأخرى وخصوصا التعليم.»
ولاتخلو الخصخصة من بعض المفاجآت مثل خصخصة الجيوش والسجون. وبشأن خصخصة الجيوش تقف الولايات المتحدة في المقدمة، حسب ما جاء في مقالة للكاتب المصري جميل مطر نشرتها صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة بتاريخ 18 يوليو/تموز الجاري جاء فيها: «ويخبرنا المؤرخون الأميركيون عن جذور فكرة استخدام الخواص خلال مراحل تطور منظومة الأمن الاميركي، أن الرئيسين المؤسسين جورج واشنطن وتوماس بين، كانا من كبار المساهمين في شركات تقوم ببناء السفن وتسلحها وتجهزها بالمؤن والجنود للإغارة في عرض المحيط على السفن التجارية التابعة لبريطانيا مقابل الحصول على الغنائم من الرقيق وغيره. ولكيلا يتحول الأمر إلى فوضى في البحار، وخصوصا في عصر كانت للبحر قوانينه الدولية التي تحترمها جميع الدول البحرية العظمى، قررت الولايات المتحدة ألا تعمل في هذا المجال سوى السفينة التي تحمل رخصة من الحكومة تمنحها الحق في مطاردة قطع الأسطول البريطاني والمراكب البحرية التابعة لبريطانيا والاستيلاء على حمولتها وبيعها في المزاد العلني لصالح الشركة صاحبة السفينة».
وتطور الأمر كي نجد اليوم، كما يقول المقال، « أن عقود القطاع الخاص تحصد أكثر من 70 في المئة من موازنة الاستخبارات الأميركية. ولاشك أنه يوجد لدى المسئولين الأمنيين مايبرر ذلك التوجه. فالحرب ضد الإرهاب حرب ذات طبيعة خاصة نصيب العمليات الاستخباراتية فيها كبير. كذلك فإن الموازنات المخصصة لأجهزة الاستخبارات في العالم زادت زيادات هائلة في السنوات الأخيرة، ليس فقط بسبب الإرهاب والحرب ضده ولكن أيضا بسبب السباق على الحصول على أسرار التقدم التكنولوجي في ميادين الصناعة والزراعة والطب وغيرها. يبرر أيضا هذا التوجه النقص الشديد في عملاء المخابرات الذين يجيدون لغات شرق أوسطية وإسلامية، والحاجة الماسة إلى تكنولوجيا استخباراتية متطورة، وخصوصا في قطاع التكنولوجيا الحيوية..... ولوحظ، في عديد من الدول وفي مقدمتها أميركا، نشاط متزايد في حركة انتقال كفاءات من أجهزة استخبارات إلى شركات الأمن والعكس، ففي الولايات المتحدة اتضح أن أكثر من 60 في المئة من ضباط المباحث والأمن في وزارة الداخلية المنشأة حديثا غادروها إلى شركات أمن واستخبارات خاصة»
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1782 - الإثنين 23 يوليو 2007م الموافق 08 رجب 1428هـ