وتبدأ مرحلة إعداد المؤسسة للخصخصة بعدة خطوات أساسية من بينها: تأهيلها لبيئة وظروف القطاع الخاص، وتعديل الجوانب القانونية، وهيكل التمويل، وتأهيل الأصول الرأسمالية لأن ذلك يزيد من قيمتها، وتحليل وضع المؤسسة «ماليا، تشغيليا»، معرفة موقف الديون، تحليل تأثير دعم الحكومة الممنوح للمؤسسة على أدائها، معرفة التزامات المؤسسة نحو الإدارة، العاملون، الموردون، العملاء، الوفاء بالتزامات المؤسسة أو إلغاء الديون والالتزامات لكي يرتفع قيمة سهمها، ففي حال قامت الحكومة ببيع المؤسسة بديونها والتزاماتها، يؤدي ذلك إلى انخفاض سعرها، تحويل نظام المؤسسة من نظام القطاع العام إلى نظام القطاع الخاص، تحويل العاملين من نظام الخدمة المدنية إلى نظام القطاع الخاص، نشر ثقافة الخصخصة في بيئة المؤسسة والمجتمع.
ولكي تنجح عملية الخصخصة وتحقق الثمار المنشودة لا بد من توفير بعض المتطلبات الأساسية التي منها سوق رأس مال متطور ونشط لتوفير وتداول أدوات وأوراق مالية، وجود رؤوس أموال، وجود عدد كاف من رجال الأعمال ولديهم رغبة في الاستثمار وتحمل المخاطر، وجود أنظمة وتشريعات حديثة ومتطورة مواكبة للعصر، توفير الشفافية والمرونة في الإجراءات، توفير البيانات والمعلومات.
إن الخصخصة كمفهوم اقتصادي حديث ظهر من داخل المدرسة النيوكلاسيكية، و التي تدعو إلى تصفية ملكية الدولة للشركات العامة التي أعاقت قيام الدولة بمهامهاالأساسية، وهي فكرة رأسمالية تنص على أن دور الدولة الإقتصادي ينبغي أن يقتصر على الرقابة و ضبط النظام إذ كلما تحرر القطاع الخاص في العمل و الاستثمار و الاستخدام كلما زاد النمو الاقتصادي زاد النمو الاقتصادي و ازدهر، و تعرف هذه الفكرة بالليبرالية الجديدة أو النقدية.
أما ظهورها إلى السطح فكان في الثمنينات، و هي من وضع كل من المستشار الاقتصادي للرئيس الأميركي ريغان (مليتون فريدمان) والمستشار الاقتصادي لرئيسة الوزراء البريطانية مارغريت ثاتشر (فردريك هايك). و أول من تحدث بها و قام بتطبيقها، بمفهومها الحديث الشامل المتكامل، هي مارغريت ثاتشر و ذلك في بداية الثمنينات ثم تبعها بعض الدول الأوروبية، وقد أنشأت ثاتشر وزارة للخصخصة، لكن الوزير قدم استقالته نظرا لعدم جدوى سياسة الخصخصة، من وجهة نطره، بعد ما كان أول المطالبين و المدافعين عن سياستها و ضرورة تطبيقها.
بعدها وصلت فكرة الخصخصة و السياسة المتبعه لتنفيذها إلى أروقة صندوق النقد الدولي و البنك الدولي، فتبنى كلاهما «إعادة الهيكلة الاقتصادية» أو الخصخصة، و أصبحت سياسة تُطَالب بها الدول النامية (المدينة) و تُطالِب بها الدول الدائنة لضمان حقوقها.
الأمر الذي لابد من الالتفات إليه هنا هو أن البعض يرى الخصخصة فرصة لدعم الديمقراطية الاقتصادية والسياسية كما يعتبرها البعض الآخر سلوكا ضروريا للمساهمة في الاستقرار الاجتماعي والسياسي، إلى جانب مساهمتها في بروز نخبة جديدة قادرة على المساهمة في تنمية الدولة التي تتبناها.
كما أن بإمكان الخصخصة، كما يرى مناصروها، أن تساهم في تحديث الاقتصاد وإشاعة روح المسئولية داخل المؤسسات المخصخصة ما سينتج عنه رغبة في تقليص الكلفة وتحسين المردودية ودعم تنافسية الاقتصاد.
لكن هناك من يعتقد أن نتائج عمليلت الخصخصة قد تكون عكس ما نتوخاه، فالمخاطر التي تحوم حول هذه العملية قد تكون عواقبها جد وخيمة والتي يحصرها فيما يأتي:
- إمكان تقليص هامش المنافسة
- إمكان تكديس الثروة في يد فئة قليلة
- إمكان تعميق الفوارق الاجتماعية
- إمكان ظهور طبقة قوية قد تعيق رغبة الدولة في تحقيق بعض الأهداف التنموية.
ويفرض الواقع اليوم والذي يشهد اتجاها كبيرا نحو الخصخصة منافسة شرسة بين مختلف الشركات والمؤسسات، وأصبحنا نعيش الآن في عالم جديد تلعب فيه المنافسة الدور الأساسي، شعارها الرئيسي « البقاء للأصلح « فالبقاء للدول الأصلح، وللشركات الأصلح، وللمديرين الأصلح بل وللعاملين الأصلح .
ونجاح أية منظمة أو مؤسسة في هذا الواقع مرهون بقدرتها على التعامل مع هذا القانون « البقاء للأصلح «، ولذلك فهي بحاجة إلى التمتع بالمميزات التنافسية المختلفة والتكيف مع الواقع لتستمر وتثبت وجودها وقدرتها على المنافسة .
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1781 - الأحد 22 يوليو 2007م الموافق 07 رجب 1428هـ