لم ترتكب المواطنة صفية جرما في حق نفسها ولا ابنتها، حينما عزمت الاعتصام أمام وزارة الإسكان مطالبة بالسكن، متبعة شتى أساليب الاستعطاف التي دونتها يدها على لافتات الاستجداء والمناشدة التي فاضت بما في جوفها وجوف الكثيرين أمثالها... صفية اتبعت طريق غيرها في الاعتصام الذي بات السبيل الأمثل على ما يبدو لحل كثير من الملفات العالقة والشائكة على أرض هذا الوطن، ويا ليتها تحل!
صفية لم تكن الأولى التي فتحت ملف السكن، كما لم يكن الطفل بدر من فتح ملف الاتجار بالأفراد الذي احتلت البحرين المركز الرابع فيه، ولم تكن قرية الجبيلات فاتحة القرى المنسية التي ينخرها الفقر وهي بمنأى عن الإسمنت والطابوق والنظافة، ولم يكن خليج توبلي باكورة مسلسل القضاء على البيئة وجمالها، كما ولن يسد ملف العاطلين عن العمل أو المفصولين منه، ومحدودي الدخل والمعوزين، والأخطاء الطبية، عوضا عن الملفات المغلقة بالشمع الأحمر... ملفات «أكل عليها الدهر وشرب» ولكن أين هي الآن؟ أو ما الجديد «الأبيض» فيها؟ لا شيء سوى بحات صوت، لو سمع لن تعدو نتائجه حلولا ترقيعية لإخماد الأصوات، تماما كما التحايل على الطفل لإلهائه عن مطالبته بلعبة.
صفية غامرت واعتصمت وصامت عن الأكل وفي النهاية سقطت، كما سقطت كثير من ملفات الوطن، وبقيت مضامينها تجوب خواطر المواطنين، ومن يهمه الأمر يغض الطرف.
إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ