العدد 1779 - الجمعة 20 يوليو 2007م الموافق 05 رجب 1428هـ

محاولة لكسر القيود

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

أن ينظم المجلس الإسلامي العلمائي فعالية - أيا كانت - بحضور شيعي / سني مشترك، فهي قضية لا بد من الالتفات لها جيدا والتركيز عليها، ولا يجوز على الإطلاق أن تمر مرور الكرام في مجتمع يشهد بدايات اصطفاف طائفي، ويبحث لاهثا عن بارقة، أي بارقة، تعيد لم الشمل الوطني.

لا يقلل من شأن الفعالية - أو ربما يزيدها شأنا - كونها منظمة من قبل الإدارة النسوية في المجلس العلمائي، وأنها تحدثت عن موضوع يشغل بال التيار الإسلامي من مشارق الأرض إلى مغاربها، سبق أن طرح بحثا ونقاشا وهو « تحديات المرأة المسلمة المعاصرة»، متخذا محور « الحجاب» نموذجا لهذه التحديات.

قد يبدو الموضوع مكررا كثيرا لدى البعض و لا يمكن أن يتجاوز أسلوب الوعظ الديني. غير أنه لا بد من القول إنه موضوع فكري أولا، كتبت فيه دراسات علمية عميقة، ربما يفتقر العالم العربي إلى هذا النوع من الدراسات. غير أن الدول الإسلامية في شرق آسيا وشبه القارة الهندية، علاوة على إيران وباكستان وأفغانستان، تمتلك دراسات متميزة وبحوثا فقهية علمية واقعية كثيرة في هذا الشأن تستحق الإطلاع.

ما نظمه المجلس العلمائي الأسبوع الماضي في مؤتمر المرأة المسلمة الأول كان شيئا من هذا النوع. فعلى رغم مما يمكن أن يتوقعه البعض من فحوى مثل هذه الفعالية « التقليدي» ، إلا أن المؤتمر في مجمله كان محاولة « غير تقليدية» لطرح الموضوع، في مجتمع « محافظ» لم يتعود كسر القيود أو مناقشة الأفكار، بل ويحاول دوما أن يتقبلها على علاتها، وخصوصا في حال اتصل الأمر بموروث ديني/ ثقافي ما. أول محاولة لكسر القيود والبعد عن النهج التقليدي كانت بدعوة الطرف الآخر، الناشطات من الجانب الديني السني لهذه الفعالية « الشيعية». فبعيدا عن التقسيم المذهبي يعرف الطرفان أن التحدي موضوع المؤتمر، يواجه المرأة المسلمة بشكل متساو، بغض النظر عن مذهبها. من هنا كانت دعوة إحدى أبرز الداعيات في التيار الإسلامي « السني» في البحرين، وأستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة البحرين رقية العلواني، لتكون لها ورقة عمل في المؤتمر. وعلى رغم من تواضع عدد الحاضرات من الطائفة السنية مقارنة بالشيعية، إلا أن وجود الطرفين في مكان واحد وبمناقشة واحدة أمر يدعو للتقدير بحد ذاته.

محاولة التغيير الأخرى في المؤتمر والتي تعتبر الأبرز ربما هي الأسلوب الذي اتبعه، وابتعاده الكامل عن أي عمل تقليدي متعارف عليه في محافل من هذا النوع. رافق المؤتمر معرض لرسوم كاريكاتورية « ناضجة فكريا» رسمتها فتيات، ومعرض للكتاب الإسلامي، وورش عمل نوعية ناقشت كل منها محاور عملية واقعية.

لا يمكن في المقابل إلا التركيز على « عرض الأزياء» الذي تخلل المؤتمر، والذي نظمته عضوات في جمعية المستقبل النسائية. فكرة العرض الذي تم تقديمه باحترافية عالية جاءت من خلال التركيز على أزياء الحجاب الإسلامي الشرعي في مختلف الثقافات والدول، الفكرة من هذا العرض أساسا هي إيصال مبدأ متقدم جدا ذكرته منظمات العرض، وهي أن الحجاب الإسلامي ليس محددا بلون أو بنوع قماش معين، فهو مبدأ بالأساس، وربما يختلف شكله أو نوعه من بلد إلى آخر، بشرط أن يتمسك بضوابطه الرئيسية.

على رغم من كل ما تقدم ، كان إظهار ما حصل في هذا المؤتمر على المستوى الإعلامي المحلي أمرا « شبه مستحيل» ، ولعله لم يتجاوز التقليدية في هذا الإطار قيد أنملة. إذ كانت المفاوضات مع اللجنة المنظمة كبيرة لإبراز خبر بسيط من دون صور جاذبة تعرض حقيقة ما جرى، وخصوصا لعرض الأزياء. ولعل المفارقة كانت أن وكالات الأنباء نشرت قبل يومين من هذا المؤتمر صورا لعرض أزياء إسلامية في طهران، وكأنما هي رسالة مفتوحة أخرى لكسر قيود مجتمعية أخرى لهذا القطاع « المهمش إعلاميا بإرادته» لتقول له إن أوان التغيير قد حان.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1779 - الجمعة 20 يوليو 2007م الموافق 05 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً