العدد 1779 - الجمعة 20 يوليو 2007م الموافق 05 رجب 1428هـ

البطاقة الصينية الحمراء: عودا على بدء

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل نشر الحلقة الرابعة من موضوع الصين، تلقيت في صندوق بريدي الإلكتروني ملاحظة من صديق. تقول ملاحظة الصديق: «الصين وعلى رغم طفرة النمو العالية والتوسع في تجارتها الخارجية وناتجها القومي، فإنها تراوح بين كونها تتلاقى مع القوى الكبرى في عضوية مجلس الأمن وعضوية نادي الفضاء والنادي النووي إلا أنها مازالت دولة نامية قياسا إلى دليل التنمية البشرية وابرز مؤشر انخفاض معدل دخل الفرد فيها نحو 1325 دولارا للفرد في العام 2004، قياسا عن اقرانه في الدول المتقدمة ، اذ يبلغ متوسطه 25915 دولارا للفرد أو حتى مستوى متوسط الإجمالي العالمي الذي تراوح في حدود 8229 دولارا هذا الى جانب القيود السياسية الأخرى والإقليمية والتبادل التجاري الضخم مع أميركا وخصوصا الواردات من التقنيات».

وقبل الدخول في نفق الحديث عن الاقتصاد الصيني، بودي أن ألفت نظر الصديق الكريم، الى أن معيار «معدل دخل الفرد» ليس مؤشرا دقيقا على متانة اقتصاد دولة ما أو صحته. ولو كان الأمر كذلك لأصبحت دولنا الخليجية في مقدمة تلك الاقتصادات.

أما بالنسبة الى الاقتصاد الصيني فأنا أتفق معه بشأن كونه يعاني بعض المشكلات المفصلية التي يعترف بها القادة الصينيون أنفسهم.

أول تلك المشكلات وأخطرها هي هجرة الأدمغة، إذ تنقل هيئة الإذاعة البريطانية عن وسائل الإعلام الصينية قولها: «إن البلاد تعاني من أسوأ حالة هجرة أدمغة في العالم، اذ ان ثلثي الطلاب الصينيين الذين أوفدوا للدراسة في الخارج منذ الثمانينات لم يعودوا إلى البلاد». وجاء في تقرير بشأن الموضوع أصدرته أكاديمية العلوم الاجتماعية في بكين أن هذه النسبة هي الأعلى في العالم.

ويقول التقرير إن من مئة ألف طالب غادروا الصين للدراسة منذ العام 2002، لم يعد إلى الوطن سوى 20 إلى 30 ألفا واضطر الكثير من الصينيين الموهوبين على الهجرة لانعدام الفرص في الوطن. ويخلص التقرير إلى أن زهاء 35 مليون صيني يعيشون خارج البلاد في أكثر من 150 بلدا حول العالم.

ثاني تلك المشكلات وهي التي حذر منها البنك الدولي في تقريره الفصلي الأخير المعنون بـ «التحديث الفصلي بشأن الصين» (China QuarterlyUpdate) محدودية تنمية مصادر جديدة للنمو. وقال الاقتصادي الكبير في شئون الصين والكاتب الرئيسي في التقرير الفصلي، لويس كويجس: «إن النمو المرتكز على الصناعة الصينية والاستثمار والتصدير أصبح مشكلة متعاظمة بسبب التوترات التجارية وقيود البيئة والموارد».

وحذر التقرير من أن النمو الإنتاجي المتواصل والاقتصاد العالمي المرن يتعهدان فقط بتهدئة صغرى للصادرات. ومحليا، فإن المحركات الأساسية للاستثمار باقية والاستثمارات بناء على ذلك من غير المحتمل أن تهدأ على نحو كبير خلال العام 2007، فيما سيبقى دفع الاستهلاك تحديا وخصوصا في المناطق الريفية. وقال تقرير البنك الدولي إن «اختلال التوازن الخارجي الصيني من غير المحتمل أن يتقلص أكثر على المدى القريب كما يعتبر أن زيادة ملحوظة في التضخم غير محتملة».

المعضلة الثالثة تتعلق بصدقية المعلومات المتوافرة من مصادر رسمية صينية. وبشأن هذه المسألة يقول ألفن توفلر (مفكر أميركي متخصص في المستقبليات)، «بينما يبدو العالم بأسره وكأنه يعتقد أن شوارع الصين مرصوفة بالذهب أو الفضة على الأقل، وأن جودة منتجاتها في تصاعد مستمر، يلاحظ أن «الصين تصدّر للعالم منتجا واحدا يلفه كثير من الشك والغموض».

ويضيف قائلا «يواجه القادة والاقتصاديون الأميركيون معضلة تتلخص في خطأ الأرقام الإحصائية التي يعتمدون عليها. وفي كلتا الدولتين - الولايات المتحدة والصين - يتسم التغيير بالتسارع المطرد، ما يزيد من خطر الاعتماد على المعلومات البالية القديمة. غير أن الخطر الأكبر من ذلك كله هو الاعتماد على أسئلة بالية تقوم بدورها على تعريفات اقتصادية عفى عليها الزمن والتاريخ».

رابع تلك المشكلات هي ارتفاع كلفة الإنتاج المصحوب بالتدهور البيئي، الأمر الذي يرفع الأسعار ما قد يفقد الصادرات الصينية الكثير من تميزها، إذ تجبر سلسلة من القضايا الشائكة مناطق شرق الصين المزدهرة، وخصوصا دلتا نهر اليانغتسي ودلتا نهر اللؤلؤ، والتي يطلق عليها اسم محرك الاقتصاد الصيني، على البدء بتحويل نمط النمو الاقتصادي.

ويعتقد أن تلك القضايا والمشكلات التي تضم ارتفاع كلفة الإنتاج والتدهور البيئي، ستتضافر وستعمل سوية على إضعاف قدرة هذه المناطق على الحفاظ على نموها السريع الذي أذهل العالم الخارجي بصورة مؤثرة على مدار العقدين الماضيين.

أما رئيس المركز الاستشاري الاقتصادي والاجتماعي التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية بجيانغسو تيان بوبينغ ، فنراه يقول: « مع حلول عصر الكلفة المرتفعة، من المحتم على الصين التحول من منوال النمو التقليدي القائم على الكلفة المنخفضة إلى منوال آخر يرتكز على الإبداع والابتكار».

ويضيف قائلا: إن عملية التحول ستحتاج إلى وقت. ويرى شن مان هونغ الاقتصادي في جامعة تشجيانغ أن عمليات التصنيع في شرق الصين أسرع بكثير من الدول المتقدمة وهو ما يهدد البيئة على نحو اخطر.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1779 - الجمعة 20 يوليو 2007م الموافق 05 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً