نقلت وكالة الأنباء الألماينة (د. ب. أ) أمس خبرا من العريش، عن شهود عيان يقولون إن عناصرَ من شرطة «مباحث أمن الدولة» المصرية في شمال سيناء منعوا وصول المساعدات إلى الفلسطينيين العالقين في مدينة رفح على الحدود مع قطاع غزة.
الشهود قالوا أيضا إن ضباط الشرطة منعوا إقامة سرادق لتجميع الفلسطينيين في رفح للكشف الطبي عليهم بعد وصول وفد من لجنة الإغاثة الانسانية، التابعة لنقابة أطباء مصر يضم 12 طبيبا في جميع التخصصات، إذ إن غالبية الفلسطينيين العالقين من المرضى، وحال بعضهم حرجة. وكان منع الشرطة وصول المساعدات إلى الفلسطينيين؛ لأن نقابة الأطباء تريد توصيل المساعدات إليهم مباشرة، في حين تصر الشرطة على أن توزيع أية مساعدات على اللاجئين يجب أن يكون عن طريق جمعية الهلال الأحمر المصري النازل من السماء!
هذا من الناحية الطبية، أما من الناحية الإعلامية، فقد منعت الشرطة المصرية أيضا صحافيين من جهات إعلامية مختلفة من الوصول إلى الفلسطينيين العالقين. والمؤلم حدوث 33 حالة وفاة، آخرها وفاة سيدة تبلغ 26 عاما كما نقلت الـ (د. ب. أ) عند الساعة 2.45 عصر أمس. أما بعد خمس دقائق، فنقلت وكالة (أ. ف. ب) من رفح، من الجانب الآخر من الحدود بقطاع غزة، خبرا عن تظاهر قرابة ألف فلسطيني للمطالبة بإنهاء مشكلة آلاف العالقين على المعبر المغلق منذ خمسة أسابيع، مرددين شعارات تدعو إلى فتحه. ويحمد الفلسطينيون ربّهم لأن المظاهرة نظمتها حركة الجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية وليس «حماس»، لكيلا يتهمهم «المعتدلون العرب» بالانقلابيين أو الإرهابيين!
المتظاهرون رفعوا لافتات تندد بإغلاق المعبر، وكتب على إحداها «أين الضمير العالمي من معاناة آلاف العائلات والمرضى؟». هذه اللافتة لم تفلح في إيقاظ هذا الضمير طبعا، كما لم تفلح مناشدتهم «إخواننا في مصر التدخل الفوري والعاجل لإنهاء معاناة آلاف المواطنين العالقين في الجانب المصري من المعبر، وإعادة فتح معبر رفح».
أما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فقال في بيان إن «عدد الذين توفوا ارتفع إلى 16 فلسطينيا ممن أنهوا فترة علاجهم في المستشفيات المصرية جراء تدهور حالهم الصحية».
عند الساعة الخامسة والنصف عصرا، نقلت الـ (أ. ف. ب) خبرا عن وضع قوات حرس الحدود وقوات الأمن المركزي المصرية المنتشرة على الحدود بين مصر والقطاع في حال استنفار أمني خوفا من محاولة فلسطينيين متجمعين على الجانب الفلسطيني اقتحام معبر رفح بالقوة، حسبما ذكرت مصادر أمنية مصرية. كما تم إغلاق الطريق الرئيسية التي تربط مدينة العريش بمدينة رفح المصرية (الواقعة على بعد 50 كيلومترا منها) في وجه الفلسطينيين. وتخشى قوات الأمن أن يحاول الفلسطينيون الذين يقيمون في ظروف صعبة في مدينة العريش، الوصول إلى الحدود ومحاولة المرور بشكل جماعي إلى غزة بفتح ثغرات في السور المقام أصلا لمنع تسلل الفلسطينيين.
مع كل هذه الأنباء المحزنة، فإن هناك جوانبَ مشرقة من الصورة، فمحافظ شمال سيناء كشف عن فتح 3 مدارس و3 معسكرات لإيواء العالقين، بالإضافة إلى اعتماد موازنة قدرها «180 ألف جنيه لتجهيز وجبات غذائية تكفي لثلاثة آلاف فلسطيني مدة ثلاثة أيام». أما وزير الصحة المصري فقد أرسل أربعة أطباء من أساتذة معهد السكر في القاهرة، متخصصين في علاج مشكلات القدم... فربما تورّمت أقدام الفلسطينيين من طول الوقوف على الحدود العربية!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1778 - الخميس 19 يوليو 2007م الموافق 04 رجب 1428هـ