العدد 1778 - الخميس 19 يوليو 2007م الموافق 04 رجب 1428هـ

بكين ترفع بطاقتها الاقتصادية الحمراء (4/4)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في انطلاقتها نحو إفريقيا، لا تهمل الصين المنطقة الآسيوية. فالصين تبدو مؤهلة لأن تملأ الفراغ الذي تركه الروس منذ العام 1991، ليس بسبب سقوط الاتحاد السوفياتي سياسيا فحسب، لكن لافتقاد روسيا إمكانات أن تكون ضمن الدول الأقوى اقتصاديا خلال العقود الثلاثة المقبلة.

وقد وقّعت الصين اتفاقا مع كازاخستان لمد أنبوب غاز منها إلى إقليم سينجيانغ (تركستان الشرقية) بطول 2500 كم، ثم أنبوب آخر من هناك إلى شنغهاي خلال السنوات الست المقبلة. كما أن شركة النفط والغاز الوطنية الصينية تعد من أكبر الشركات المستثمرة في قطاع الطاقة في آسيا الوسطى، بحصولها على حق الاستثمار في عدد من أهم حقولها وهو ما سيؤثر على موازين القوى الدولية المشاركة في تنمية هذه الدول، ويقلل من اعتمادها على روسيا والدول الغربية؛ ولا يُنسى هنا استفادة الصين أيضا من الثروة المائية لكازاخستان.

وعلى نحو مواز، تسعى رابطة آسيان (ASEAN) الإقليمية وبعض دولها، وخصوصا سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا وتايلند إلى تعزيز اقتصاداتها مع الصين. وتعكس الإحصاءات نمو الاستثمارات الصينية في تلك الدول بنسبة 60 في المئة سنويا؛ فضلا عن تفاوض الطرفين بشأن تدشين منطقة تجارة حرة، واقتراح الصين تدشين منطقة أكثر اتساعا للتجارة الحرة لتشمل اليابان وكوريا الجنوبية.

إن جميع هذه الاتفاقات التجارية التي تدفقت إلى منطقة جنوب آسيا في الآونة الأخيرة وأدت بدورها إلى تعميق وتدعيم التجارة الحرة، وهو ما مهد الطريق إلى بزوغ مجتمع اقتصادي آسيوي تلعب فيه الصين والهند وباكستان دورا رئيسيّا. ولأجل ذلك تسرع الصين حاليا خطواتها في إصلاح الجزء الداخلي من الطريق بين الصين والهند بغية بناء « جسر قاري « دولي يربط الصين وجنوب آسيا فى اسرع وقت ممكن. ويقول الخبير بأكاديمية العلوم الاجتماعية بمقاطعة يوننان، وانغ تشونغ لي ان افتتاح الطريق بين الصين ودول جنوب آسيا له أهمية حاسمة. إذ إنه يربط بين أسواق الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا التي يبلغ تعدادها 3 مليارات نسمة. ولا يقتصر التحرك الصيني لبسط النفوذ وخلق موطئ قدم جديد على آسيا وإفريقيا، إذ يمتد إلى مناطق أخرى، منها أميركا اللاتينية. فتحركات الشخصيات الصينية في الدول اللاتينية تعددت في السنوات القليلة الماضية، وآخرها زيارة الرئيس الصيني جيانغ زيمين في إبريل/ نيسان 2001 الماضي إلى كوبا والأرجنتين وأوروغواي والبرازيل وفنزويلا، التي يمكن وصف أهدافها بأنها بحث عن تحالفات إستراتيجية وأمنية ومصالح اقتصادية. ولا يخفى أن المكسيك والبرازيل أحد أهم اقتصادات الدول النامية في العالم، وهما مرشحتان للبقاء ضمن أكبر 10 اقتصادات في العالم بعد ربع قرن من الآن.

وبينما أكد الصينيون رغبتهم في تعزيز العلاقات بينهم وبين الدول اللاتينية، فإن الصين لا تريد في المستقبل القريب إنفاق أموال هائلة -مقارنة باللاعبين الدوليين الآخرين- في الدول اللاتينية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا وحتى اليابان؛ الأمر الذي يجعلها تؤخر بسط نفوذها هناك بسب قلة استثماراتها المباشرة في تلك الدول الآن، وهو الأسلوب الأهم لاعتلاء مكانة فيها من قبل طرف أجنبي. وذكرت الاحصاءات انه حتى العام 2001، أقامت الصين أكثر من 300 مشروع في أميركا اللاتينية باستثمارات تعاقدية تصل الى اكثر من مليار دولار أميركي. وزاد حجم التجارة بين الصين وأميركا اللاتينية من ملياري دولار أميركي في مطلع التسعينات الى 14.9 مليار دولار أميركي العام الماضي. وأشار نائب مدير معهد دراسات أميركا اللاتينية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، جيانغ شي شيويه: «إن مناخ الاستثمارات في أميركا اللاتينية سيتحسن بسبب الانتعاش التدريجي في الاقتصاد العالمي وتدخل صندوق النقد الدولي» .

وتشير البيانات الحديثة إلى تغير كفة الميزان التجاري لمصلحة الصين، وبات من المتوقع أن تحقق الصين فائضا في تجارتها مع دول أميركا اللاتينية للمرة الأولى هذا العام، إذ أظهرت البيانات أن حجم صادرات الصين الى أميركا اللاتينية وصل إلى نحو 12.4 مليار دولار في الاشهر الخمسة الاولى من العام الجاري في حين لم تزد قيمة وارداتها من دول المنطقة خلال الفترة نفسها على 11.4 مليار دولار.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1778 - الخميس 19 يوليو 2007م الموافق 04 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً