العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ

وزارة البلديات... ولعبة التسلل!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم نكن نتصوّر أن وزارة البلديات والزراعة ستقوم بهذه الحركة البهلوانية السريعة للقفز على كارثة خليج توبلي!

ففي الوقت الذي تجشّم الوزير قبل يومين عناء زيارة مستنقع توبلي الكبير، وهو أمرٌ يحسب له بالمناسبة، فإن المرء ليصدم بالمفاجأة التي خبأتها الوزارة لنا، عندما كشفت عن «مشروع» لإنقاذ الخليج، خصوصا أنه جاء بعد يومين فقط من تصريحات أخرى وعد فيها بإجراءات صحيحة لا يختلف عليها اثنان، من تكليف شركة تنظيفات متخصّصة للتخلّص من الترسبات، ونقل مصانع غسل الرمال، وإنشاء محطة جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي.

الشك كان موجودا من البداية، لكن لم نكن نتصوّر أن حركة التسلل ستكون بهذه المهارة والسرعة الصاروخية: «دراسة لمشروع تنظيف وتطوير وتجميل واستثمار الخليج»، وبكلفة تبلغ 138 مليون دينار، وبالتمويل الذاتي!

«خارطة الطريق» التي نشرتها الوزارة، تدفع للشكّ أكثر بالطريق الذي يتجّه إليه الخليج المنكوب. فبدلا من حل مشاكله المستعصية، نرى هذه القفزة البهلوانية لتحويله إلى كورنيش ومرافق سياحية، (فما ينقص العروس إلاّ الجبّاب)! فهكذا مشروعٌ يبدو بعيدا عن الجدية، وأقرب إلى تمييع القضية وإضاعة الوقت، كما يفعل الفريق الفائز في الدقائق الأخيرة من المباراة.

ويبدو أن مجلس بلدي الوسطى تنبّه لهذه النقطة، فأعلن عدم قبوله بأي مشروع استثماري تقدّمه وزارة البلديات من دون المرور به، وهو موقفٌ ينبغي البناء عليه؛ لئلا يتم صرف الأنظار عن المشكلة الحقيقية إلى مشاريع مضلّلة، فالخليج ينتظرعملا حقيقيا خارقا لإنقاذه من الموت، وليس إلى عمل كورنيش أو مرافق سياحية أو مطاعم للوجبات السريعة. فالوزير يعلم جيدا أن المطاعم الموجودة - ودون أن نذكر الأسماء- تعاني من انخفاض عدد روادها في الآونة الأخيرة بسبب الروائح الكريهة المنبعثة.

كما يعلم الوزير أن بعض المشروعات الاستثمارية (اللوكس) الموجودة بالمنطقة منذ سنوات، فشلت حتى في استرجاع جزء من رؤوس أموالها. كما يعلم أن الشقق السكنية لا تجد لها مستأجرا. وهو أمرٌ طبيعي جدا... فكل من يزور الخليج يسرع بمغادرته بسبب انبعاث الروائح المنكرة.

إنّ من حق المواطن أن يقلق من طرح مشروعات وهمية للتغطية على حقيقة ما يجري على الأرض، ومن حق الرأي العام أن يطّلع على ما تطرحه الوزارة بصورة شفافة وصريحة، كما أن من حق النواب أن يستخدموا وسائلهم المتاحة للمساءلة والمحاسبة، حفاظا على حقوق المواطنين الذين انتخبوهم قبل تسعة أشهر للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم تحت قبة البرلمان.

الدراسة المنشورة، ولا ندري هل هي كاملة أو أنها مجرد أجزاء ومقتطفات من خطة أكبر نجهلها، تثير من الشكوك أكثر مما تجيب على الأسئلة، خصوصا من جهة وضع أهم لوازم العلاج (جسر المعامير) في ذيل خطة الإنقاذ المزعومة؛ وما ستلحقه من دمار إضافي بالبيئة، بفعل ردم المساحات المقترحة للاستثمار، التي تقدر كلفتها بأكثر من 9 ملايين دينار، ولا تنسوا أن الردم هو أحد أسباب كارثة الخليج.

في المعارك الجوية، تقوم الطائرات المطارَدَة بإلقاء أجسام معدنية أو مصادر حرارية لتضليل الصواريخ التي تستهدفها، أما في المعارك البيئية في بلادنا، فيبدو أن هناك صواريخ سياحية وهمية يجري تجربتها في الميدان!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً