العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ

بكين ترفع بطاقتها الاقتصادية الحمراء (3/4)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أولت الولايات المتحدة الأميركية العمليات التفجيرية التي شهدتها في سبتمبر/أيلول 2001 إهتماما شديدا غطَّى على الإعلان عن الموافقة على انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية. لكن ذلك الإهتمام لم يمنعها من تصعيد الحديث الذي كان ساريا بشأن مستقبل الدور الصيني في الاقتصاد العالمي، وجعلت محور الحديث ينتقل من مجرد المنافسة الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، إلى المنافسة بينهما على قيادة الاقتصاد العالمي، والعمل على أن تكون إحداهما مركزه، خصوصا بعد انضمام بكين إلى منظمة التجارة العالمية. وكان ذلك مؤشرا قويا على الدور الذي بدأت الصين تمارسه في خريطة العلاقات الإقتصادية العالمية.

ولايمكن الحديث عن ذلك من دون الإشارة إلى توقعات المحللين الاقتصاديين بصعود التنين الصيني اقتصاديا وسعيه لاحتلال مرتبة متقدمة في العالم، بعد أن ظلت الولايات المتحدة القوة الاقتصادية الأولى في النصف الأخير من القرن العشرين. فمع أن واشنطن ما تزال متقدمة - حتى من ناحية التحول من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد المعلوماتي والرقمي - ومع أن الفارق بينها وبين القوى الأخرى كبير؛ فإن الاقتصاديين يتوقعون تغير وضع واشنطن وتراجعها إلى المرتبة الثانية لصالح الصين، مع اختلافهم في التقدير الزمني لحدوث ذلك بين عامي 2015 و 2025.

وآخر من أكد ذلك هو «شاهد جاويد بكري» وهو مسئول سابق في البنك الدولي، الذي يعتبر الصين سابقة لليابان حاليا باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فقد كان الناتج المحلي الإجمالي لأميركا في العام 2000 هو 8 تريليونات دولار أو 22 في المئة من الناتج العالمي، مقابل 20 في المئة من قبل دول الاتحاد الأوروبي؛ ولكن إذا استمرت نسب النمو الحالية من دون حدوث أزمات خطيرة، فإن حظ الصين من ناتج الاقتصاد العالمي سيرتفع إلى 26 في المئة، بينما ستظل الولايات المتحدة بين نسبتي 20 و22 في المئة؛ وهذا هو ما يبرر سعي الصين الحثيث -الذي يجري تنفيذ خطواته وفق خطط متدرجة - نحو تأمين مصادر الطاقة للاقتصاد الآخذ بالتوسع، وتأمين أسواق جديدة تنتجها المكنة الصناعية والتكنولوجية الصينية، بما في ذلك إنتاج التكنولوجيا العسكرية.

ويبدو أن توقعات جاويد بدأت تقترب من الصحة ففي اللقاء الذي تم بين الرئيس الأميركي جورج بوش نظيره الصيني هو جينتاو في العام الماضي، حث بوش نظيره الصيني على اتخاذ المزيد من الاجراءات لتقليص العجز التجاري بين الصين والولايات المتحدة، وعلى انتهاج خط متشدد إزاء إيران وكوريا الشمالية. الا ان المحادثات التي جرت في البيت الأبيض بين بوش وهو جينتاو، لم تحقق اي تقدم ملموس على رغم ان الرئيس الصيني تعهد باتخاذ المزيد من الخطوات لتعديل سعر العملة الصينية. وأدت القيمة المنخفضة لسعر اليوان الى زيادة العجز التجاري الأميركي الى عدة مليارات من الدولارات. ويبلغ العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة مع الصين العام الماضي 202 مليار دولار. ولايقتصر الأمر على العلاقات الثنائية الأميركية - الصينية، فقد بدأنا نشهد زحف التنين الصيني الأصفر نحو القارة السمراء، فوفقا لمراسل «واشنطن بوست» في جوهانسبورغ، كريغ تيمبورغ، ويبدو أن هذا القلق في تزايد في إفريقيا في وقت أصبح فيه الصينيون لاعبين أقوياء في اقتصادات عدد متزايد من دول القارة. ففي نسق يتكرر في مناطق أخرى من العالم، يساهم تفتح شهية الصين للمواد الخام في دفع اقتصاديات دول جنوب الصحراء إلى تحقيق أسرع معدل نمو لها منذ ثلاثة عقود، كما غزت المنتوجات الصينية غير الباهظة الأسواق على نحو مفاجئ. غير أن العديد من الأفارقة يرون أنه إذا كان التدفق يتيح للمستهلكين بضائع في متناول قدرتهم الشرائية، إلا أنه لم يحسن وضعيتهم الاقتصادية وألحق الضرر بالشركات المحلية. إلى ذلك، يقول النشطاء الأفارقة والغربيون إن العلاقات الوثيقة التي تربطها الصين مع حكومات مثيرة للجدل في أنغولا ونيجيريا والسودان وزيمبابوي تضعف جهود دعم الديمقراطية والنهوض بحقوق الإنسان. وأجاب الرئيس الصيني بشكل ضمني، أثناء جولة في إفريقيا شهر أبريل/نيسان الماضي، على هذا القلق إزاء دور بلاده المتزايد في القارة قائلا أمام الجمعية الوطنية النيجيرية «إن تطور الصين لن يشكل تهديدا لأي أحد، ولكنه سيتيح بالمقابل المزيد من الفرص». كما أعاد «هو جينتاو» التأكيد على سياسة الصين القائمة على إبرام الصفقات التجارية بغض النظر عن سجل الحكومات في مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان أو محاربة الفساد قائلا لصحافيين في نيروبي، التي شكلت المحطة الأخيرة في جولته الإفريقية، إن سياسة الصين تقوم على «عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً