سألتها: «ما الذي حدث؟ وكيف تم انفصال الابنة الثانية أيضا عن خطيبها؟»، فأجابت وفي حلقها غصة: «بعد كتابة العقد دامت العلاقة ثمانية أشهر! لم يكن مسئولا أو جادا! لم يقدر قيمة العلاقة فهو كسول ويسهر حتى الصباح ويتنقل بين الوظائف كل ثلاثة أشهر!».
وتابعت «أما الأخت الكبرى فعلى رغم كمية الحب فيما بينهما؛ فإن الماديات تمكنت من تفريقهما! فكان لديه بيت قام بتأجيره وهو يريد أن يسكن معها في شقة إلى أن يثبت أموره! رفضت وردّت إليه الدبلة! لم ترق لها أفكاره وطريقته الاقتصادية! اتهمته بالبخل!».
زميل آخر تزوج متأخرا وبعد أن أعد نفسه ماديا! كانت زوجته غير ناضجة سطحية ومحبة للمظاهر و «الفشخرة» والبذخ على الكماليات وحب الخروج الدائم للاستهلاك فقط! حاول إفهامها أن الزواج شراكة ومسئولية! انفصلا بعد 3 سنوات وضاعت «تحويشة» عمره.
وأخرى لا يعجبها تدخل أمه في كل صغيرة وكبيرة في حياتهما! وهو حبيب أمه وأخواته ويلبي كل طلباتهن على حسابها! تركته بعد عامين مع طفلين!
هكذا وهنالك الكثير من الأجيال المدللة التي لا وجود لخبرة حياتية لما هم مقبلون عليه ولا يعرفون ما هو واجبهم وكيفية التعامل مع الآخر وخصوصياته! قمع كل حالات الحب والجنون يخبو في النهاية بعد العيش في مواجهة الواقع وفشل الارتباطات! وتكثر حالات الطلاق بشكل مخيف أيامنا هذه! وتزداد العزوبية والعنوسة وهنالك أيضا الحالات التي يواجهها قديمو العهد بالزواج إما بسبب مشكلات الأطفال المراهقين، وإما بسبب مشكلات البالغين التي يختلف فيها الطرفان على الطريقة الصحيحة للتعامل معهم في ظروفهم الجديدة! وتحدث المشاحنات وقد يهرب الزوج إلى زوجة أخرى مع تشكّل مشكلات جديدة مختلفة أو أن يهيم على وجهه بتعدد العلاقات وتصاب العلاقة بالشروخ والجروح وقد ينفصلان أو تبقى علاقة جامدة من دون روح أو حياة بسبب الخجل الاجتماعي من كلمة الطلاق أو الخوف من المجهول أو الخوف من المزيد من التشتت!
إن مسئولية الأسرة عبارة عن عمل متواصل قد يكون شاقا أو مفرحا اعتمادا على ما ننظر إليه ولكنها ثمنٌ للاستقرار والهدوء النفسي والعائلي!
إن الانفصال والطلاق ليسا أحسن الحلول دائما! إنما المحاولات لمعرفة أين الخطأ والمحاولة الجادة للإصلاح بكل الطرق الممكنة هي الجواب! توجد في إيران مكاتبُ حكومية إرشادية خاصة للأسرة وحل مشكلاتها في كل حي. قالت لي صديقة إنها تتوافر كما يتوافر الخبازون لدينا في كل حي! وتعد مراسيم الزيارة من المراسيم المقدسة، والتي لا يستغني عنها الناس لطلب النصيحة لمشكلاتهم ومعاناتهم وهي ناجحة ومهمة جدا لديهم كما تساعد كل المراحل العمرية من أفراد الأسرة من الصغار حتى الكبار ممن تغيرت حياتهم وأصابتهم الوحدة... فهي تسهل السبل الحياتية لهم وتعودهم على كيفية التكيف مع المتغيرات الجديدة لكل مرحلة عمرية ومشكلاتها وإلى أن تتوافر مثل هذه المؤسسات لدينا (بعد عمر طويل) آمل في أن يحاول الصغار طلب العون من الكبار ذوي الحكمة من الأهل أو الاختصاصي إذا وجدوهم! وإن عرض المشكلة على الآخر دائما تسهل حلولها!
إن النمط الحياتي بات سريعا جدا أو قصر الوقت للتركيز على ما نريد عمله! فعلّنا نتروى قبل اتخاذ القرارات الحاسمة والمصيرية كيلا نواجه بعواقب أشد قسوة وصعوبة! وأن نحاول دائما النظر من رؤية الآخر والتسامح وإعطاء بعض الاعتذار والاستفادة من خبرات الآخرين الحياتية والاستماع إلى كل السبل الكفيلة بالمساهمة في إصلاح الخلل الحياتي والتخلي عن العناد والتمسك بالمواقف التي قد تكون خاطئة والكثير من الصبر والحكمة في اتخاذ القرارات.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1777 - الأربعاء 18 يوليو 2007م الموافق 03 رجب 1428هـ