الحمد لله رب العالمين... ما راح التعب بلاش. فالقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسة الأحد الماضي بشأن خليج توبلي مشجّعة، خصوصا تكليف وزارة البلديات بدراسة إمكان نقل مصانع الرمال، وتكليف شركة متخصصة لتنظيفه من الترسبات والمخلفات الصلبة. إلاّ أن اللافت قرار تركيب مضخات وصمامات مياه لدفع التيارات المائية عبر معبر المعامير إلى داخل خليج توبلي، ومع إني لست خبيرا في البيئة، إلاّ أنه من الواضح أن التيارات تدخل من جانب جسر سترة وتخرج من تحت «جُسَيْر» المعامير، وليس العكس كما يقول القرار!
عموما... الله كريم، نتمنى أن يكون خطأ مطبعيا ليس إلاّ، كما حدث في تسمية معبر «المعامير» بمعبر «النويدرات». وجميلٌ أن يشعر المواطن أن هناك تحركا ما لإنقاذ واحدٍ من أجمل الخلجان الصغيرة «المچكنمة» في البحرين.
جميلٌ أيضا أن ينزل وزير البلديات من عرينه ويتفضّل بزيارة خليج توبلي المنكوب، من دون بشت ولا عقال، وإنما بلباس البحر العادي (بانطلون وقميص)، مع نظارة شمسية للوقاية من ضربات الشمس في عز الظهيرة، ويحمّل نفسه عناء التجوال في مستنقع من القاذورات لمدة ساعتين في طرّاد صغير، مصطحبا معه عددا من المهندسين والمستشارين الكبار في وزارته، وهي عموما دلائل دامغة لا يمكن نكرانها بوجود رغبة بالمحافظة على هذا الموئل الحيوي.
الوزير أعلن أن وزارته تعد دراسة لتنظيف الخليج وتطويره بعد تحديد خط الدفان النهائي، وهنا مربط الفرس... فأين سينتهي خط الدفان النهائي؟ ومن يملك الإجابة؟ صارحوا الناس بالحقيقة.
قبل عشرين عاما، كانت مساحة الخليج 28 كم مربعا، أما مساحته رسميا، وحسب الخرائط المتوافرة الآن، فقد تقلّصت إلى 13.5 كم مربع، أي أقل من نصف مساحته الأصلية. أما ما يجري على أرض الواقع فمختلفٌ تماما، يكفي أن تنزل إلى الخليج، أو تقف على طرف أي شارع يطل عليه، لترى بعينيك أن المساحة المتبقية أقل من ذلك بكثير. كما يمكنك مشاهدة عمليات الدفان المستمرة، من دون خوفٍ من الله، أو حياءٍ من الرأي العام!
القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء قرارات إيجابية، ندعمها ونقدّرها عاليا، ونتمنى أن توضع موضع التنفيذ في أسرع وقت، ولكنها تدور حول المشكلة ولا تحلها، ما دام الدفان مستمرا، ومصانع الرمال قائمة في أماكنها، والأخطر محطة توبلي، التي تستمر في إلقاء فضلاتها في قعر الخليج، والحديث عن «محطات جديدة» ما زال في طور الأحلام والكلام المعسول، ولن ترى البحرين محطة إضافية إلاّ في العام 2009 في أقرب تقدير!
في المقابل، المخاوف البيئية القديمة تعزّزها الخرائط الجديدة التي نشرت في الأيام الأخيرة، والتي تفضح المخططات «السرية» الدؤوبة لدفن الخليج، الذي تحوّل إلى مستنقع للقاذورات، تفوح منه الروائح التي تخترق حتى نوافذ سفارات الدول العظمى القريبة من ضفة الخليج!
عموما... نحمد الله على كل حال، وعلى رغم كل ما نراه من كوارث وجرائم بيئية، لا نريد أن نكون متشائمين، وإذا صدقت النوايا فعلا، واستمرت متابعة الرأي العام والبيئيين والصحافة، ووضعت القرارات موضع التنفيذ، فسيبقى الخليج على قيد الحياة... أما إذا تُرك الموضوع لمافيا الأراضي... فعلى خليج توبلي السلام!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1776 - الثلثاء 17 يوليو 2007م الموافق 02 رجب 1428هـ