العدد 1776 - الثلثاء 17 يوليو 2007م الموافق 02 رجب 1428هـ

السياسة جانبا... استقبال دافئ للأميركيين في إيران

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

عدت أخيرا من زيارة استثنائية إلى إيران جرى تنظيمها من خلال مجموعة العمل الأميركية الإيرانية للتعاون في مجال العلوم الصحية التي أشارك في رئاستها. وتم تأسيس هذه الشبكة بهدف تبادل المعلومات وتشجيع البحوث التعاونية المشتركة وبناء الثقة والتفاهم بين خبراء العلوم الصحية في الولايات المتحدة وإيران.

وقد قامت مجموعة العمل بتسمية برنامج أصفهان للقلب الصحي في إيران كمبادرة بحوث طبية على مستوى عالمي. بعد عقد مؤتمر مرئي عبر الأقمار وسلسلة من تبادل الرسائل الإلكترونية وزيارة إلى بوسطن من قبل مدير البرنامج، دُعينا لإحضار وفد من مجموعة العمل إلى اجتماع دولي للبرناج في أصفهان في أبريل/نيسان 2007. قمنا بإعداد برنامج لمدة أسبوعين يسمح لنا بزيارة كليات طب وبرامج صحية في تبريز وطهران ومدينة أصفهان التاريخية. الوفد الذي ضم خمسة خبراء في العلوم الصحية بمن فيهم أنا وزوجي، هو الأول في زيارة نأمل أن تتكرر في المستقبل.

الفترة التي سبقت زيارتنا كانت مليئة بالتوتر. بعد شهور من الانتظار للحصول على تأشيرات السفر، تمت الموافقة عليها قبل أسبوعين فقط من تاريخ السفر. بعد الموافقة تم اعتقال خمسة عشر بحارا بريطانيا لأنهم عبروا المياه الإقليمية الإيرانية بحسب تصريح حرس الثورة الإيرانيين. أثارت التقارير الإعلامية عن تظاهرات معادية للغرب في طهران قلقا بشأن الاستقبال المتوقع لنا كأميركيين. أكد لنا مضيفونا الإيرانيون باستمرار أن الوضع مأمون.

لم نرَ أية مؤشرات على تظاهرات أثناء رحلتنا. استُقبلنا بحفاوة في جميع الأماكن التي زرناها. أخَذَنا مضيفونا لرؤية صفوفهم التعليمية ومختبراتهم ومستشفياتهم، وناقشوا معنا باهتمام بالغ فرص التعاون. قام مضيفونا بتحيتنا واضعين أيديهم اليمنى على قلوبهم، وبانحناءة بسيطة عند الخصر، وسألونا ما الذي يستطيعون أن يقدموه لنا أكثر مما فعلوه.

قدموا لنا الكثير من الهدايا لدرجة أننا احتجنا لشراء حقائب سفر إضافية لإحضارها معنا. أصدقاء الأصدقاء سمعوا من أسرهم في الولايات المتحدة أننا قادمون فجاءوا إلى قاعات المحاضرات يحملون علباَ تحتوي على عشرات الكيلوغرامات من الفستق الحلبي، وعرضوا مرافقتنا في زيارات للمدن واستضافتنا في منازلهم. شباب وشابات سألونا كيف يمكنهم القدوم إلى الولايات المتحدة للدراسة أو إجراء البحوث أو العمل.

عند الإعداد للرحلة قضيت وقتا طويلا أفكر باللباس وغطاء الرأس (الحجاب) الذي سألبسه للالتزام باللباس الإسلامي الذي تفرضه الدولة. كان يتوجب علي تغطية شعري ومظهر جسمي، وهي نواحٍ مهمة تحدد هويتي كامرأة. سبّب الأمر لي بعض الرهبة وثبط عزيمتي. إلا أنني اخترت أن أعتبر الأمر تجربة محرّرة. سمعت أن لبس الحجاب يحرر المرأة من إزعاج التحديق ومعاكسات الرجال، ويجعل من رفاقية النساء أمرا ساري المفعول في هذا المجتمع الحساس للنوع الاجتماعي. الأمران كانا على قدر كبير من الحقيقة.

اكتشفنا في إحدى الليالي في تبريز أن المطعم الذي كان من المخطط أن نتناول فيه طعام العشاء مغلق بسبب حفلة زفاف نسائية. بينما ذهب الرجال من مجموعتنا إلى مطعم مجاور ذهبت أنا إلى داخل منطقة النساء مع الدليلة المترجمة الأنثى المرافقة لنا.

في الداخل كانت النساء يحتفلن: كانت شعورهن مصففة بأسلوب الخمسينات، وكانت زينتهن دراماتيكية، وكانت فساتينهن مسرفة طويلة إلى الأرض، تكشف جزءا من صدورهن، مغطاة بالبرق اللماع. كنت أرغب بالمشاهدة من طرف الغرفة، إلا أنني أُجلِسْت في مقعد الشرف قرب العروس. أُحضِرت لي المقبلات والمغمسات والخبز والسلطات والحلويات والفواكه على صوانٍ فاخرة وبكميات تكفي لعشرة أشخاص. عندما وقفت أخيرا بهدف المغادرة كانت هناك احتجاجات إلى أن تمت أخيرا مرافقتي إلى باب الخروج للوداع والدعوات بالعودة لزيارتهن مرة أخرى وزيارة إيران مجددا «إن شاء الله».

تمثلت الحفاوة الاستثنائية التي استُقبلنا بها أثناء رحلتنا في الليلة الأخيرة. بدلا من الطيران من أصفهان، قررت أنا وزوجي أن نستقل السيارة. في منتصف الطريق بين أصفهان وطهران تقع مدينة كاشان التاريخية المشهورة بسجّادها ومساجدها. عرض أحمد، الطبيب الذي قابلناه في أصفهان، أن يأخذنا بسيارته إلى كاشان حيث نشأ، وقام بإجراء الترتيبات لأن يأخذنا سائق آخر من كاشان إلى طهران.

بعد وصولنا إلى كاشان بقليل عرّفنا أحمد على أسرته الكبيرة، بمن فيهم والدا زوجته، اللذان جرى تعريفهما بالجد والجدة. خرج نحو الثلاثين شخصا ونحن معهم إلى موقع للنزهة، وقاموا بإعداد الطاولات القصيرة حيث جلسنا وأكلنا الحلويات والفواكه وشربنا الشاي الساخن الحلو. بعد ذلك قمنا بزيارة منزل الجد القديم والذي تقوم اللجنة التاريخية الإيرانية الآن بترميمه. بعد ذلك عدنا إلى منزل الجد الحالي إذ قامت الجدة والكثير من البنات والكنائن بتقديم وجبة عشاء فاخرة على سجادة ساحرة في غاية الجمال في غرفة الجلوس. عندما حضر السائق لأخذنا إلى طهران تجمع الجيران وانضموا إلى العائلة. وهكذا وفي ليلتنا الأخيرة في إيران قام أكثر من خمسين شخصا بوداعنا معربين، بالفارسية والإنجليزية، عن سعادتهم بزيارتنا وطالبين منا، إن شاء الله، أن نعود لزيارتهم.

في الأسابيع التي تلت عودتنا ازداد الحديث المعادي لإيران في الولايات المتحدة. وفي إيران كانت هناك موجة من الاعتقالات في أوساط الجاليات «المعتدلة سياسيا». اعتقل أناس مختارون لهم اتصالات مع غربيين ومنظمات تسعى لبناء مجتمع مدني صحي. تستمر مجموعة العمل برعاية التعاون بين الزملاء في المجال الطبي في الولايات المتحدة وإيران، بعناية وانتباه عبر المؤتمرات المرئية والبريد الإلكتروني. نأمل أن تتعلم بلدانا كيفية التعاون لإيجاد عالم يتمتع بالصحة لينمو فيه أطفالنا، إن شاء الله.

*أستاذة مشاركة في قسم العلوم الصحيّة بكليّة سيمونز في بوسطن، وقد قامت بتأسيس وإدارة مشروع الجسور الصحيّة من أجل السلام، وهي رئيسة مشاركة لمجموعة العمل للتعاون في العلوم الصحيّة بين الولايات المتحدة وإيران، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1776 - الثلثاء 17 يوليو 2007م الموافق 02 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً