المحاولة الانقلابية التي أعلنتها الخرطوم والتي زعم أن مستشار رئيس الجمهورية السابق، زعيم حزب الأمة (الإصلاح والتجديد) مبارك الفاضل المهدي يقف وراءها، جاءت غامضة وفي وقت يعتقد فيه السودانيون أن زمن الانقلابات قد ولّى إلى غير رجعة. الخلاف بين حكومة البشير والمهدي بدأ منذ نحو سنتين تقريبا عندما أراد الأخير القيام بزيارة شخصية للولايات المتحدة رفضتها رئاسة الجمهورية ولكنه أصر على القيام بها فعزل من منصبه كمستشار.
وهكذا انتهت العلاقة بين حزب الأمة (الإصلاح والتجديد) والحكومة السودانية. ولكن السيناريو الغريب أن تعلن الأجهزة الأمنية أن المهدي يتزعم انقلابا عسكريا بمشاركة عسكريين متقاعدين!. حزب «الإصلاح والتجديد» في الواقع منشق عن الحزب «الأم» بزعامة الصادق المهدي، وهو أيضا تشطّر إلى حزبين صغيرين أحدهما مشارك في السلطة وليس له أي وزن شعبي. ثم إن الحكومة الحالية مكوّنة في الأساس من شريكين كبيرين هما «حزب البشير» والحركة الشعبية الجنوبية بزعامة سلفا كير وكلاهما له جيشه النظامي المدجج بالسلاح .
إذا كيف يفكر مبارك المهدي في تدبير انقلاب وهو يعلم أن إمكان استرداد الحكم من قبل الشريكين القويين وفي ظرف ساعة واحدة تكاد تكون بنسبة 100 في المئة. ثم ان القول ان الانقلاب وراءه دولة عظمى في إشارة الى الولايات المتحدة غير صحيح لأن واشنطن لا تثق في أي حزب شمالي (إسلامي) بقدر ثقتها في الأحزاب الجنوبية المشاركة الآن في الحكم ولديها إقليم يدار بالحكم الذاتي.
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ