في 11 يوليو/ تموز الجاري حضر وفد إماراتي لدعوة المتخصصين والمهتمين بطب الأسنان لحضور أكبر مؤتمر طبي سيعقد في العالم العربي، وهو «ملتقى الاتحاد العالمي لطب الأسنان» بدبي في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقد جمع سفير الإمارات العربية المتحدة عبدالعزيز الشامسي الوفد الإماراتي مع رؤساء تحرير الصحف البحرينية في منزله، و الوفد تكون من رئيس لجنة الاستضافة للملتقى الطبي أحمد البنا، ورئيس اللجنة العلمية طارق خوري وعضو لجنة الاستضافة أيمن المدني. وأثناء الحديث على وجبة الغداء، ذكر البنا أن دبي ألغت أسلوب إدارة الخدمات الصحية التقليدي قبل شهر أو شهرين (وهو الأسلوب المتبع في وزارة الصحة لدينا مثلا) وانتقلت إلى أسلوب إدارة الخدمات المتبع في بريطانيا حاليا.
أسلوب إدارة الصحة في بريطانيا يتبى منذ عدة سنوات سياسة مختلفة، إذ تقوم وزارة الصحة بتحديد الموازنات لكل مستشفى ومركز خدمات صحية، ومن ثم تترك الفرصة لمن يستطيع أن يقدم أفضل العروض لإدارة المستشفى مقابل الالتزام بمؤشرات وضوابط محددة مسبقا، مثلا ألا تزيد فترة انتظار شخص يحتاج إلى عملية طارئة أكثر من ساعتين، وألا يزيد انتظار العمليات (بالنسبة لعدة أنواع من الأمراض) ستة أشهر... إلخ، ويطلق على هذه المؤسسات التي تدير الخدمات الصحية NHS Foundation Trusts. بمعنى آخر، فإن الحكومة توفر المال، ومن ثم تتصرف مع إدارة المستشفى كما لو أنه يدار في القطاع الخاص على أساس تنافسي، وتعطي وزارة الصحة الحرية للإدارة «المستقلة» ممارسة عملها مادامت تفي بكل الالتزامات وبحسب الشروط، لكن إذا أخلت بأي منها، فإن الوزارة تتدخل وتسحب الصلاحية من تلك الهيئة المستقلة.
وقد أعطت هذه الترتيبات المجال الأوسع لتقديم نتائج وخدمات متفوقة للمرضى، وأدى هذا الأسلوب إلى قلب الهرم في القرارات؛ فقبل ذلك كانت الوزارة تقرر كل شيء مركزيا وإدارة كل مستشفى تنفذ، أما الآن فإن الوزارة تحدد الهدف فقط، وتترك القرارات والاجراءات التشغيلية للمؤسسات المستقلة. هذه المؤسسات أشبه بهيئات للوقف، تمارس عملها من خلال الاستجابة لمتطلبات المرضى والمواطنين في منطقتها. وأصبحت القرارات الآن تنتقل من الأسفل إلى الأعلى، بدلا من الأسلوب التقليدي (من الأعلى إلى الأسفل).
لقد أثبتت هذه الهيئات الوقفية المستقلة (في بريطانيا) أنها أكثر فاعلية من وزارة الصحة التقليدية وخصوصا فيما يتعلق برعاية مصلحة المرضى والمجتمع المحيط بها. وأصبحت إدارات الهيئات التي وثقت علاقاتها مع المجتمعات المحيطة بها تمثل الضمير الذي يوجه سياسة الحكومة، كما ازدادت الإنتاجية، وتمكنت هذه الهيئات من توفير أموال من الموازنات المخصصة لها للبدء بمشروعات مهمة كانت معطلة من قبل بسبب المركزية التي كانت تفرضها وزارة الصحة.
هذا الأسلوب المتطور في إدارة الصحة العامة يستحق الدراسة لدينا في البحرين، لأنه سيحفظ المال العام من جانب ويزيد من المرونة والإبداع من جانب آخر، وبذلك تتوجه الطاقات نحو خدمة المرضى بأفضل الوسائل وأقل الخسائر. تجربة بريطانيا ماثلة أمامنا، وقريبا ربما تصبح تجربة دبي بين أيدينا أيضا.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ