نظم مركز البحرين للدراسات والبحوث ندوة صباح أمس، شارك فيها مستشار الدراسات الاستراتيجية الدولية وحوار الحضارات بالمركز محمد نعمان جلال، تناولت موضوع «أمن الخليج والبحرين من منظور الاستراتيجية الدولية». واستعرض الباحث استراتيجيات الدول الكبرى والقوى الإقليمية، وما يحكمها من مصالح ذاتية تغلّفها بمسميات الشرعية الدولية والقانون والأمن الدوليين.
وأكد جلال خلال الندوة أن الغرب يقدم نفسه بوصفه حاميا للشعوب بالمنطقة، بل إنه يقدم نفسه أحيانا بصفته حاميا للشيعة من تهديدات السنة، وأحيانا حاميا للسنة من تهديدات الشيعة، بينما هو لا يبحث إلاّ عن حماية مصالحه، ومن هنا تقوم السياسة الأميركية في العراق مثلا، بتسليح بعض العشائر العراقية، لإثارة الميليشيات الشيعية، وبالعكس أحيانا، بهدف إثارة المخاوف والهواجس، وضرب الطرفين ببعضهما بعضا.
ونوه إلى دور المنظمات الدولية كمجلس الأمن، واستراتيجيتها المحدودة والمقيدة، في ضوء المفارقة التاريخية بالإسراع إلى تطبيق القرارات الدولية وفق البند السابع الذي يستدعي فرض القرارات وبسرعة، ضد دول مثل العراق وإيران وليبيا، بينما تتم إحالة بقية القرارات على البند السادس، الذي لا تدعمه القوة، وهو ما يفسر تجميد القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية منذ أكثر من أربعين عاما.
وأشار جلال إلى الصراع الدولي على الخليج، الذي يتجلى في تعزيز القواعد العسكرية الأجنبية، وتراجع الدور العربي لمصر بعد «كامب ديفيد»، وبروز الدور الإيراني بعد الثورة، وفي المقابل بروز العراق باعتبارها قوة إقليمية انتهت إلى اتجاه معاكس باحتلال الكويت. ولمّح إلى أن أخطاء القيادة العراقية والسياسات العربية هي السبب فيما آلت إليه الأمور لاحقا بعد حرب العراق، من تدمير القوة العراقية وإطلاق المارد الطائفي.
وتوقف جلال عند خصائص المنطقة الخليجية من وجود نظم تقليدية، وقوة نفطية هائلة، وضعف أمني، وخلخلة سكانية كبيرة، ما جعلها عرضة للأطماع الدولية المستمرة، فضلا عن الإقليمية (إيران الشاه والثورة)، والعربية (العراق الملكي والثوري والبعثي على حد سواء).
وأشار الباحث إلى استراتيجيات الدول تجاه الخليج، وفي مقدمتها السياسة الأميركية التي تقوم على عدة عناصر مثل حماية النظم الخليجية وضمان أمن «إسرائيل» واستمرار تدفق النفط وبيع الأسلحة وتبييض الأموال. أما السياسة البريطانية فتقوم - بحسب الباحث - على بيع الأسلحة والتجارة والنفط والاستثمار. وأما السياسة الروسية والفرنسية والصينية فتقوم على أسس التجارة والاستثمارات.
على المستوى الإقليمي، أشار الباحث إلى أن لإيران تأثيرا على الخليج من خلال الجاليات والثقافة والفكر الديني، وفي المقابل هناك تأثير للهند وباكستان من خلال الجاليات والنفط والاستثمارات والتجارة. وفيما يخص الجانب العربي، أشار إلى تطلعات اليمن للانضمام لمجلس التعاون، وما يمتلكه من جاليات يمنية منتشرة، ومن جانب آخر تأثيرات العراق بعد الغزو في نشر الصراع الطائفي بالمنطقة.
خلخلة سكانية
واستشهد الكاتب بالإحصاءات التي تكشف عن وجود 12 مليون ونصف المليون من الأجانب في دول الخليج، 50 في المئة منهم هنود، و20 في المئة باكستانيون، و30 في المئة من الجاليات العربية والآسيوية الأخرى.
وفي إشارة إلى نتائج غزو العراق للكويت، أوضح جلال أن أول النتائج هي انهيار مفهوم البوابة الشرقية للوطن العربي الذي ساد في الثمانينات، إذ أصبح العدو من الداخل، وتحوّل الصديق إلى عدو، ما أعقبه ذلك من بروز الدور السعودي والتعاون المصري السوري، كما في إعلان دمشق، الذي سرعان ما انهار نتيجة تعارض المصالح ومعارضة الولايات المتحدة الأميركية وإيران.
وانتقل جلال إلى استعراض المشهد الخليجي الجيد، مع إعادة صوغ مشروع الشرق الأوسط الجديد لبوش الأب، خصوصا بعد حوادث سبتمبر/ أيلول، وبروز الإرهاب برداء إسلامي، وانتشال الفكر المحافظ المتشدد، والاستبداد السياسي. وأما بخصوص هذا الوضع، فتم اقتراح مشروع الشرق الأوسط العريض، الذي اعتمد الإصلاح السياسي للمنطقة (انتخابات)، والإصلاح الثقافي (المرأة وحقوق الإنسان والمجتمع المدني)، والإصلاح الاقتصادي (الانفتاح وفتح الأسواق)، والتعليمي، إذ أخذت تنتشر الجامعات الخاصة، وتوقف الباحث متسائلا: هل هي حاجة اجتماعية أم مجرد عملية استنساخ؟
وفي نهاية الندوة، طرح الحضور بعض الأسئلة المتعلقة بأمن الخليج والمخاطر المحلية والإقليمية والدولية.
العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ