العدد 1774 - الأحد 15 يوليو 2007م الموافق 29 جمادى الآخرة 1428هـ

المخبّصون!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الحمدلله الذي كبح الفتنة وقمع قرن الشقاق، وأظهر حبّ هذا الشعب لوطنه، بما يقمع كل الأقلام المعتاشة على الفتنة والتحريض.

الآن وقد زالت الغشاوة عن العيون؛ بفضل تغليب لغة الحكمة والدبلوماسية لدى قيادتي البلدين المسلمين الجارين، في هذه الفتنة العابرة، فإن لنا أن نتأمل كيف كان الأداء رائعا لدى مختلف شرائح هذا الشعب وطبقاته وفئاته، وكيف كان الأداء سيئا ومسيئا للبحرين لدى بعض «حمّالية البنادر».

كان موقف البحرين، حكومة وجمعياتٍ سياسية ذات تاريخ وطني، عقلانيا وواضحا: معالجة المشكلة بالعقل والحكمة، بينما طالب بعض الأشخاص المنفلتين المزايدين، بقطع العلاقات... وكأن مشكلات الدول يجري حلها بالعنتريات والشتائم والطرق الفوضوية الصاخبة!

من البداية كان واضحا للمتابع أن البلدين سيجتازان هذه الأزمة العابرة بسلاسة وسلام، وكان الهم الأكبر ألاّ تترك أثرا سلبيا على السلم الأهلي والوضع الاجتماعي، وألاّ تقوم بعض الأطراف المتشنّجة بتجييرها للحصول على مغانم مالية أو حسابات فئوية، أو عطايا ومنح شخصية، على عادة السبّاقين في ميادين الإثارة والفتن والمزايدات.

المقال المسيء، الذي رفضناه جملة وتفصيلا، أثار الكثير من ردود الفعل المستنكِرة والطبيعية جدا، ولكنه أثار في المقابل الكثير من «النكات»، ففي الوقت الذي تنبأ كاتبٌ «عربي» في موقع إلكتروني بلندن يعمل بطاقة الـ «كوبونات»، في تحليله «الاستراتيجي»، ان المقال «بداية لمشروع غزو عسكري»... فإن البلدين ناقشا مشروع إمدادات الغاز!

ولماذا نذهب إلى لندن... وعندنا من الخيرات الكثير؟ فما يكتبه «محرر الشئون السياسية»، وأحيانا «الشئون البرلمانية»، في بعض قنوات الفتن المشهورة، ملأ خلال الأيام السابقة «سبع خيشات»! فهذا المحرّر العبقري لم يخفِ فرحه الشديد، بتفرد صحيفته بنشر «مذكرة الاحتجاج» التي أباح أحد «حمّالية البندر» لنفسه كتابتها باسم الشعب، من دون أن يستشير أحدا من ممثلي الجانب الأهلي، أو يعود إلى أية وزارة ذات اختصاص!

ويبدو أن «المحرّر السياسي/البرلماني» متديّن جدا؛ بدليل أن احتفاءه كان أكبر بالفتاوى «المسيّسة»، على رغم التكلف والتنطّع الظاهرين في تلابيبهما! الفتوى الأولى كانت تطالب بمعاقبة من «يؤمن» بتصريحات شريعتمداري شرعا وقانونا، تطبيقاَ لعقوبة «التعزير»، بعد أن «تخيّل» وجود بحرينيين آمنوا بالمقال المزبور!

أمّا المفتي الثاني فقد توصل إلى فتوى أخرى، أن «المؤمنين» بتلك التصريحات «خوارج»... يُستتابون مدة ثلاثة أيام (يعني 72 ساعة لا تزيد ولا تنقص ولا دقيقة واحدة، وتحتسب من لحظة القبض عليهم)، فإن لم يتب «الخارجي» كان جزاؤه القتل! والحمدلله أنه لم يوجد ولا بحريني واحد آمن بتلك التصريحات، وإلاّ راحت عليه... ولكان لزاما على الدولة أن تقيم «الحدّ الشرعي» على هؤلاء الخوارج الملاعين!

المفتي الذي يتحفنا بين كل فترة وأخرى بطلعاتٍ جديدة من التخبيصات، هذه المرة (خبّصها كلش)، فلم نسمع في أية دولة عربية أو إسلامية، دكتاتورية أو ديمقراطية، أن أفتى أحدٌ من العلماء ولا الجهلاء، أن «المؤمنين» بمقالات صحافية متهافتة، وما أكثرها، هم من الخوارج ويجب قتلهم بالسيف!

الحسن البصري قال قبل 1330 عاما: «إن الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل»... ولو جاء في هذا الزمان لربما أضاف «لخبّص فيها كل مخبّصٍ مدعٍ طمّاع».

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1774 - الأحد 15 يوليو 2007م الموافق 29 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً