العدد 1773 - السبت 14 يوليو 2007م الموافق 28 جمادى الآخرة 1428هـ

أكبر قضية هدر للمال العام «خليج توبلي»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

سؤال كبير يطرح نفسه في هذه المرحلة بالتحديد وهو أين المشكلة في خليج توبلي؟ قد يتوهم البعض أن المشكلة هي في محطة توبلي لمعالجة مياه الصرف الصحي التي ترمي يوميا 85 ألف متر مكعب من مياه المجاري في الخليج رغم أن العملية مخطط لها بشكل واضح، أو أن المشكلة في توقف التيارات البحرية من الدخول إلى الخليج من أجل تحريك المياه الراكدة.

قد يعتقد البعض أن مشكلة خليج توبلي بيئية، وهو بالتالي بحاجة إلى دراسات ومعالجات تنقده مما هو عليه حاليا، إلا أن المشكلة أكبر من ذلك بكثير، فمشكلة خليج توبلي هي المشكلة ذاتها التي تعاني منها جلّ سواحل المملكة من سطوة متنفذين يسعَون لسيطرة على كل شبر على هذه الأرض، وليضيّقوا الخناق على المواطن الفقير من كلّ الاتجاهات، قضية خليج توبلي مخطط لها بشكل دقيق وواضح لا تقل شأنا عن مخطط التقرير المثير للجدل.

خليج توبلي يعاني من جملة قضايا كبيرة لا يمكن فصلها عن بعض دون مزجها وخلطها ؛لتتضح الصورة الحقيقية لما يحدث لهذا الخليج الجميل الذي لم يبق منه شيء سوء اسمه التائه بين قوانين وتشريعات وقرارات ضاعت هي الأخرى بين أروقة وغرف مسئولين لا يملكون صلاحيات التنفيذ.

مشكلة خليج توبلي سياسية قبل أن تكون بيئية، أو اقتصادية أو أي نوع آخر، مشكلة خليج توبلي ليس السبب فيها أناس فقراء لا يعلمون ما يقومون به، بل هم من عُلية القوم بل هم أعلى مما تتوقعون، لجنة التحقيق البرلمانية التي شكلت في الفصل التشريعي السابق لتحقيق في تجاوزات خليج توبلي لم تستطع معرفة من يمتلك خليج توبلي، بل سكتت عندما قيل لها إن الديوان الملكي تدخل واشترى ست قطع بحرية تساوي ثلثي خليج توبلي فمَنْ كان يمتلكها، وأصبحت الآنَ هذه القطع ملك الديوان الملكي، مع بقاء قطعة أخرى لم يستطع أحد إرجاعها وهي كبيرة جدا تقع بين جزيرة النبيه صالح ومجمّع سترة التجاري.

والسؤال الكبير في هذه القضية، لماذا لم يستطع أحد معرفة مَنْ يملك سواحل ومياه خليجي توبلي، فإذا كانت الملكية شرعة فلماذا الخوف من كشف هويات المالكين، وإذا كانت هناك شبه بشأن هذه الملكيات فلماذا لا تحال القضية إلى القضاء للفصل فيها؟

أراضي خليج توبلي وزعت بالمجان؛ ليعاد بيعها أو استملاكها بعد ذلك بالملايين. وََمن سيدفع هذه الملايين لاستراجع أراضٍ وزعت هبات وعطايا سوى الشعب من موازنته العامّة التي لا يحصل منها إلا الفتات.

خليج توبلي ضحية لعب سياسية، وإلا فلماذا لم تستطع كل تلك التشريعات والقوانين والقرارات التي أمتد إصدارها على مدى 66 عاما وحتى الآن من الحد من التجاوزات الحاصلة في هذا الخليج المهدد بالضياع وفقدان الهوية، والدليل على ذلك بسيط وهو تقلص مساحة الخليج كل عام وبشكل تدريجي منذ أن كان 29 كيلومترا مربعا، حتى أن صدر مرسوم بقانون لم يقدم شيء سوى أنه قلّص مساحة الخليج رسميا وقانونيا ؛لتصبح مساحة الخليج 13.5 كليومترا مربعا فقط، والذي من شأنه أنه أنهى أي جدال على أراضي خليج توبلي المستملكة والتي أصبحت بحكم القانون في حكم النسيان.

القضية كبيرة جدا تتعدى الحدود البيئية، وهي بحاجة إلى برلمان قوي يمتلك سلطة حقيقية ؛لتحقيق في أكبر قضية هدر للمال العام من دون أي وجه حق.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 1773 - السبت 14 يوليو 2007م الموافق 28 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً