ما قاله مدير صحيفة «كيهان» الإيرانية حسين شريعتمداري يعتبر مقززا من كل ناحية، وذلك لأنه استخدم إسقاطات مرعبة لإيران قبل أن تكون مرعبة لغيرها.
لقد حاولت الحصول على النص الأصلي لما كتبه شريعتمداري في 9 يوليو/ تموز 2007، وبعد ذلك طلبت ترجمته، وربما يكون النص العربي القريب لما ذكره في مقاله هو: «من بين جميع دول مجلس تعاون دول الخليج الفارسي، فإن البحرين لها قصة مختلفة، وذلك لأنها كانت في وقت من الأوقات جزءا من الأراضي الإيرانية، وفي عملية غير شرعية وتواطؤ بين الشاه المقبور وحكومات أميركا وبريطانيا، فقد فُصلت البحرين عن إيران. ولكن أهم مطلب لشعب البحرين حاليا هو أن تعود هذه المحافظة الى الوطن الأم: إيران الإسلامية. ومن الواضح أن هذا الحق المطلق لإيران وشعبها لا يمكن ولا ينبغي تجاهله».
إن مقولة «في يوم من الأيام» لم تعد مقبولة من أي طرف في عالم اليوم. فالبحرين أيضا كانت «في يوم من الأيام» تضم (قبل خمسة قرون وأكثر) المنطقة الممتدة من الكويت، مرورا بالمنطقة الشرقية في السعودية، إلى قطر والإمارات حتى حدود عمان، وهذا ما تذكره كتب التاريخ عن إقليم البحرين، فهل يمكن للبحرينيين أن يطالبوا بالكويت وشرق السعودية وقطر والإمارات؟
ثم إن إيران ذاتها ابتليت بما فعله صدام حسين الذي نقض اتفاقا بينه وبين الشاه وقعه بنفسه في الجزائر في 1975 ومن ثم مزقه في العام 1980 وقال ان ذلك الاتفاق لم يكن شرعيا، وقام بعد ذلك بغزو إيران لـ «استعادة كامل السيادة العراقية القومية» على «شط العرب»... كانت هذه هي الحجة ذاتها التي استخدمها العراق في حربه العدوانية ضد إيران.
ثم إن هناك الحساسية الكبيرة داخل إيران من الحديث عن خوزستان، ونعلم أن المسئولين في ايران أبدوا انزعاجهم لأن لدينا نحن أيضا بعض الأقلام المقززة والمشابهة لشريعتمداري (ولكن بالمقلوب) وهي التي تثير الإيرانيين عبر الدعوة الى فصل أجزاء من ايران، مثل خوزستان وإعادة تسميتها بـ «عربستان». وقد تم غلق مكتب فضائية «الجزيرة» في طهران العام 2005 نحو ستة أو ثمانية شهور لأنها بثت تقريرا من تلك المنطقة واستخدمت أسماء لمناطق لا تقبلها إيران. فالإيرانيون مثلا يسمون السعودية «عربستان»، وإذا أطلقت جهة الاسم نفسه على خوزستان فإنهم ينفعلون جدا.
ثم إن هناك كردستان وبلوشستان وفي كليهما يقوم أعداء إيران بالتحريض على زعزعة سيادة إيران القومية. وهناك أذربيجان، وهي البلد ذا الغالبية الشيعية، ولكن علاقات إيران سيئة مع أذربيجان، والحديث المطروح في بعض المحافل هو أن إيران تتعاون مع «أرمينيا المسيحية» ضد «أذربيجان الشيعية»، والسبب هو أن تسمية جمهورية مستقلة باسم «أذربيجان»، واستخدام القادة الآذريين لتعبيرات ومصطلحات عن الشعب الآذري قد يحرض الآذريين في محافظة أذربيجان داخل إيران على الانفصال عن إيران. وعليه فإن ما طرحه شريعتمداري يضر السيادة القومية الإيرانية قبل أن يضر السيادة القومية البحرينية.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ