يثير المقال الذي كتبه مستشار مرشد الثورة الايرانية في مؤسسة «كيهان» الصحافية ورئيس تحريرها حسين شريعتمداري أكثر من رد فعل واستفهام عن سبب نشر المقال واختيار توقيته.
وعلى رغم ما قاله الكاتب من أنه جاء ردا على بيان مجلس التعاون الخليجي الذي أكد دعوته إلى ضرورة اعادة الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) الى دولة الامارات العرابية المتحدة، الا أن حجة شريعتمداري (اذا صحت) تمثل جهله بأن مجلس التعاون حرص في كل بياناته السابقة على التأكيد على هذا المطلب، كما أن ذلك لا يبرر بأي شكل من الاشكال تحريف بوصلة الحقائق نحو اكاذيب يحاول بعض المتطرفين من الايرانيين وليس كلهم التلويح بها كلما حاولوا تصدير مشكلاتهم الداخلية الى الدول الاخرى، وتأجيج روح الاستيلاء والتمدد على حساب دول ذات سيادة معترف بها داخل طهران قبل اية دولة اخرى.
الأفعال تكذب الأقوال
يشير تصاعد خط التنسيق والتعاون بين البحرين وايران الى مدى تأصل العلاقات الصديقة بين الشعبين والحكومتين في المنامة وطهران. وهذا ما أشارت له الاتصالات واللقاءات الثنائية بين البلدين، إذ قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في اليوم نفسه الذي كتب فيه شريعتمداري «المقال - الفتنة» إن الدول الاسلامية قادرة على احباط الفتن من خلال التعاون والتضامن فيما بينها. ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية (ارنا) عن أحمدي نجادي قوله لدى تسلمه اوراق اعتماد السفير البحريني الجديد في طهران راشد الدوسري، إن اعداء الاسلام وشعوب المنطقة لا يريدون أن تسود المودة بين الدول لذلك فهم يحاولون كل يوم اثارة الفتن والقلق بذرائع مختلفة.
واشاد بسياسة إيران الخارجية في تعزيز العلاقات مع دول الجوار وخصوصا البحرين. وقال إن العلاقات الودية بين طهران والمنامة بامكانها أن تكون في خدمة تعزيز التعاون الثنائي وتطور البلدين وخدمة السلام والامن بالمنطقة. واكد ضرورة بذل الجهود لدعم العلاقات والتعاون والتناغم بين الدول الاسلامية واحباط مخططات الاستكبار.
واشار الرئيس احمدي نجاد الى اهمية التعاون الاقتصادي والثقافي لتنمية العلاقات الثنائية بين ايران والبحرين، موكدا ضرورة تعزيز العلاقات الودية والاخوية بين الشعبين الايراني والبحريني في ضوء حكمة وجهود مسئولي البلدين.
ونقلت الوكالة عن السفير البحريني الجديد في طهران تأكيده اواصر الصداقة والاخوة بين الشعبين الايراني والبحريني وجهود الحكومتين في تعزيز العلاقات لخدمة شعبيهما.
وقبل استقبال أحمدي نجاد السفير البحريني الجديد كان وزير الدولة للشئون الخارجية بمملكة البحرين نزار البحارنة زار طهران واجتمع بوزير الخارجية الايراني منوشهر متقي في يونيو/ حزيران الماضي وبحث معه العلاقات الثنائية.
وقال متقي خلال اللقاء إن بلاده تبحث حاليا التوقيع على اتفاق التجارة الحرة مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعضوية ايران بصفة مراقب بالجامعة العربية وتعزيز التعاون مع البرلمان العربي.
واشار متقي الى محادثات اجريت قبل خمسه اشهر مع مستثمرين اجانب. وقال إنه في ضوء الاتفاق بشأن المشروعات الاقتصادية التي تم توقيع قسم منها ايضا، فإن آفاق التعاون المستقبلي بين إيران والبحرين تبشر بالامل.
المسئولية الإيرانية
إذا كان المسئولون الايرانيون يبذلون طاقات كبيرة واضحة على تقوية العلاقات المشتركة على جانبي الخليج العربي، فعلى الاعلام الايراني أن يفهم أن طرح القضايا الاستفزازية قد يؤدي الى ما لا تحمد المنطقة عقباه، وخصوصا أن آخر تحرك اميركي في المنطقة، ونقصد توجه حاملة طائرات اميركية ثالثة الى الخليج يعد تحولا خطيرا، ولا سيما أن المنطقة مع دخول هذه الحاملة وصلت الى الذروة التي وصلتها المنطقة قبل غزو العراق في العام 2003.
كما أن دخول هذه الحاملة «انتربرايز» لمنطقة عمليات الاسطول الخامس في الخليج لتنضم إلى حاملتي الطائرات «يو. إس. إس نيميتز» و «يو. إس. إس جون سي. ستنيس».
ويأتي هذا التحرك بعد اسابيع من ابحار سفن بحرية اميركية عبر أضيق نقطة في الخليج لاجراء مناورات قبالة ساحل ايران في استعراض كبير للقوة.
وأثار التوتر بشأن الطموحات النووية لطهران مخاوف اقليمية من وقوع مواجهة عسكرية. والوجود البحري الاميركي في الآونة الاخيرة في الخليج هو الأكبر منذ حرب العراق في العام 2003.
كما أن التحرك الاميركي تجاه المنطقة يثير اكثر من سؤال عن مدى علاقته باعلان «إسرائيل» أن الاوروبيين قالوا إنه «في نهاية المطاف سيتعين على (إسرائيل) أن تتصدى للتهديد النووي الايراني بوسائلها الخاصة ولا تستطيع الاعتماد على تعاون دولي». وهل أن أميركا مستعدة لترك «إسرائيل» لوحدها كما يطلب الاوروبيون؟
من هو شريعتمداري؟
عرف عن حسين شريعتمداري أنه احد اقطاب الجناح المتشدد في إيران، وعلى غير عادة الاعلاميين في العالم فهو يدافع عن غلق بعض الصحف الايرانية، ويعتبر هذا الاجراء قانونيا، كما أن وجوده على رأس صحيفة «كيهان» التي تعني «العالم» أو «الكون» أدى الى خروج عدد كبير من الصحافيين الاصلاحيين من الصحيفة.
ولا يحب الإصلاحيون شريعتمداري، فهو لا يتردد في انتقاد الصحف الإصلاحية، وهو اتهم الايرانية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام المحامية شيرين عبادي بالاشتراك في مؤامرة لقتل الصحافي الايراني أكبر غانجي، بالتعاون مع استخبارات أجنبية!
للمحرر كلمة
البحرينيون بكل قومياتهم وطوائفهم وتلويناتهم المتناسقة لم يكونوا أبدا الا في اطار المنظومة العربية - الاسلامية، وهذا ما تؤكده الحوادث التاريخية التي مرت على الخليج والجزيرة العربية، وإن كلام شريعتمداري عن البحرين واهلها لا يمكن إلا أن يعد فتنة لا تختلف كثيرا عن فتن اخرى اطاحت بالمنطقة وكان لها اكثر من نتيجة سلبية، والحوادث خلال الثلاثين سنة الماضية تؤكد ذلك.
العدد 1770 - الأربعاء 11 يوليو 2007م الموافق 25 جمادى الآخرة 1428هـ