أيّ مستقبلٍ ينتظر القوى السياسية والاجتماعية والحراك الشعبي في البحرين بعد الخطاب الحماسي الذي طرحه رئيس المجلس الإسلامي العلمائي الشيخ عيسى أحمد قاسم عندما ردّد في خطبتين متتاليتين في محراب الجمعة بالدراز شعار «فلتسقط العلمانية»، ليُردّد معه آلاف المصلين «النصر للإسلام»!... كثيرون يرون أن خطاب قاسم - وإن لم يكن غريبا إلا في حدّته - أوصل القوى الفاعلة في المجتمع إلى افتراق حقيقي أو مفترق طرق، وهل يا ترى هو افتراق على قاعدة «هذا فراقٌ بيني وبينك»؟...
الإسلاميون والعلمانيون وجها لوجه... يفصحون عن الحقيقة، ويكشفون اللغز الكبير... لماذا هذا الشعار ولماذا الآن فقط... هذه الإثارات يطرحها منتدى»الوسط» السياسي الذي شاركت فيه كوكبة من رموز الطرفين.
وفي الجزء الثالث والأخير من الحوار يوضح الناطق الإعلامي باسم المجلس الإسلامي العلمائي الشيخ محمد صنقور أن خطاب رئيس المجلس الشيخ عيسى قاسم «دعا إلى حاكمية الإسلام، وتطبيقه في كل مفاصل الحياة، ولم يتحدث إطلاقا عن مقدمات لفرض ولاية الفقيه» خلافا لما يشيعه بعض الكتاب، لكنه شدد على أهمية «التعبئة العاطفية ومنها توظيف المواكب العزائية لتأصيل الفكر الديني».
من جهته دعا الباحث الإسلامي المستقل السيدكامل الهاشمي إلى «تقنين فوضى الفتاوى»، وحذر من مخاطر كثيرٍ من المتدينين الذين ينفرون الناس من الدين بسبب خطاباتهم القاسية، وطالب بعض العلماء بالتوقف عن سياسة «تفغيص» القوى الفاعلة في الساحة تحت مسميات مختلفة «فما إن تبرز في الساحة كفاءة حتى تحارب»، داعيا إلى تقديم المعارك المهمة وتأخير المعارك الوهمية.
وشدد الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف على ما أسماه «وحدة المناضلين» وقال إنها أولوية للتيار الديمقراطي، نافيا أن يساهم خطاب قاسم في إحداث تقارب بين «القوى اليسارية والدولة».
ولكن الأمين العام للمنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن قال: «لو كنت محل الدولة أو القوى المعادية للاصلاح سأكون سعيدا بما يجري من جدال عقيم بعد الشعار الاخير...». وهذا نص الجزء الثالث والأخير من الحوار:
لا نقصي الدين عن واقع الحياة
يتهمكم الشيخ عيسى قاسم خلال خطبته بأنكم تقصون الدين والفتاوى الإسلامية عن واقع الحياة، فلا ترضون أن تصدر فتوى للدين، وانتم تستوردون الأفكار الكافرة والسلوكيات الهابطة؟
- شريف: السياق الذي كان فيه خطاب الشيخ عيسى رد سياسي على ما قيل من ثلاثة أطراف بشأن قانون التعطل، وأحدها «وعد»، والأخرى الوزير مجيد العلوي والنائب عبدالعزيز ابل، وأنا لست معنيا بالدفاع عن العلوي وأبل أو حتى عبدالهادي خلف، ولكن أنا معني بما أصدرناه في الجمعية.
المشكلة انه بعد مرور 6 أشهر على موافقة «الوفاق» على الاستقطاع تأتينا فتاوى من خارج البحرين على غرار فوضى قضية «إرضاع الكبير» التي حدثت عند السنة، فوجدنا أن هناك فوضى في الفتاوى الدينية، الشيخ اتهمنا بإقصاء الفتاوى، وهذا ليس صحيحا، ولكن قلنا إن من الأهمية عدم إقحام الدين في قضايا حياتية متغيرة وخلافية، والعمل على تعزيز قيم وثقافة القانون واحترام آليات وقيم دولة المؤسسات، وهذا ليس إقصاء لأحد، وهذه وجهة نظرنا، وحتى رجال الدين الذين أصدروا فتاوى من الدخول إلى تفاصيل لم يمروا على المتخصصين، ولكم أن تبدوا رأيكم كما تشاءون، والآن أصبح اتهاما مباشرا.
والشيخ يقول في خطبته «أليس من غيرة على الإسلام؟»، ولكننا نغار على الإسلام والمسلمين، وأية قضية إسلامية يُظلم فيها المسلمون نصدر فيها رأيا، ولم نصدر بيانات في جزر «الواق واق»، ومن قال إننا حكمنا على الإسلام بالإقصاء.
- صنقور: استغربت كيف كانت ردة فعل الإخوة بهذا المستوى، لم يكن ينبغي أن يفاجأوا وان تكون ردات الفعل على هذا الشكل، وإذا لم يكونوا علمانيين فلماذا يستفزهم «سقوط العلمانية»؟
- شريف: أنا في مقالي لم اذكر اسم الشيخ عيسى قاسم تأدبا، ولكن من يقرأ المقال يعرف أنني اقصد الشيخ، وهو أيضا لم يذكر الأسماء في خطبته تأدبا، ولكن نحن أبناء البلد ونعرف ما يقال وعلى من يقال.
- شريف: نحن لا نتعمد الوسيلة الفكرية فقط للحفاظ على الحالة الدينية في البلد، ونحن نعتمد التعبئة العاطفية، ولماذا نصر على المواكب العزائية، لأننا نريد أن نعبئ العقول.
«تفغيص» القوى الفاعلة في الساحة
- الهاشمي: هناك مشكلة كبيرة، وهي الموازاة بين الذوات والحقائق يا شيخ صنقور، وهذا خطأ فضيع يحصل عند العلمانيين والمتدينين، فذاك يقول «أنا الدولة والدولة أنا» وذاك يقول «أنا العلمانية والعلمانية أنا» وذاك يقول «أنا الشريعة والشريعة أنا» وآخر يقول «أنا الدين والدين أنا»، كلا شيخ صنقور، أنت لست الدين ولا أنا الدين، ولست أنت الشريعة ولا أنا الشريعة.
- صنقور(مقاطعا): نحن لم ندعِ ذلك، ونرفض هذه المغالطة، ونحن لم نقل إننا نمثل الدين ولا يستطيع أحد أن يقول انه يمثل الدين، وإنما نقول هذا هو الدين، وليس للعباءة أية قداسة ولكن عندما يتوجه الإقصاء لأصل الدين فهذا ما نرفضه إطلاقا.
- الهاشمي: شيخنا العزيز، دعني أكمل كلامي...المشكلة الأخرى هو انغماسنا لتبرير الأخطاء حينما يخطأ رجل دين، وأنا لست منهمكا في تبرير الأخطاء، فما حدث هو زلة وجل من لا يخطأ، ووجهة نظري معروفة في العلمانية، ولكن يجب أن نوجه نقدنا للمتدينين، والله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم لديه تعبيران، وعلى المتدينين أن ينتبهوا إلى التعبير الثاني الذي يخصهم حينما يقول عزوجل: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا» (المائدة:57)، والذين هم بحسب فرضكم العلمانيون الذين اتخذوا دين الإسلام هزوا ولعبا.
- صنقور (مقاطعا): وأنت ماذا تقول في مصداق الآية...
-الهاشمي: شيخنا تدبر آيات الله عزوجل والتفت إليها، وان الآية أعابت على مجموعة من الناس اتخذوا دينكم، وهذا أمر طبيعي، لان كل إنسان يعتقد بصحة دينه، ويقول الإمام الصادق(ع): «ثلاثة لا يقول امرؤ منها إنه على خطأ: دينه الذي يعتقده وعمله الذي يفعله ورأيه الذي يراه»، وهذا أمر طبيعي، فكل إنسان يتخذ دين الآخرين هزوا ولعبا، لأنه يؤمن بصحة دينه.
ولكن في الوقت ذاته لدينا تعبيرٌ إلهي آخر يقول فيه الله سبحانه وتعالى للنبي الكريم(ص): «وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا» (الأنعام: 70)، وأنا اعتقد أنّنا نلعب بالدين أيضا ونلهو به حينما لا نقيمه على أساس صحيح. وأنا اسأل المتدينين قبل أن اسأل العلمانيين: هل انتم تؤصلون أم تعطلون الحالة الدينية بتصرفاتكم وسلوكياتكم مع الناس والرأي العام، وربما مبدأ نواياكم هو تأصيل الدين ولكن النتيجة هي تعطيل الدين والرواية عن الرسول الأكرم(ص) تقول: «إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباد الله»، وكم من عباد الله كرهوا الدين بسبب المتدينين، وأنا اعتقد أن هذه مسألة لا أحتاج النقاش فيها بعد بروز القاعدة والتيار السلفي التكفيري، فقد صار الناس - بسبب هؤلاء - يخرجون من دين الله أفواجا كما كانوا يدخلونه أفواجاَ، فنتمنى ألا نكون «كالراكب المنبث، فلا ظهر أبقى ولا سفر قطع».
- صنقور: وهل نحن كذلك يا سيد؟
- الهاشمي: اعتقد أن الكثير من المتدينين يسيئون إلى الدين، أنت لا تستطيع أن تنفي البعد الإنساني عني أو عنك، فأنت إذا أصبحت متدينا فأنت متدين وليس دينا، ومتشرع وليس شريعة، لا نوازي ونخلق بين الذوات والحقائق، فالعدل مطلقا هو الله والحق هو الله «ذلك بأن الله هو الحق» (الحج:62) وكل شيء صافٍ بلا أي عدم هو الله، وهذا هو أمر مقرر في العقائد، ولا اعتقد أنكم لا تستوعبونه، فإذا أنا الإنسان ليس دينا، بل أنا منسوب إلى الدين، وأتمنى ألا أكون كالإنسان الذي يخطأ و»تغرس» سيارته ومن ثم نعطي «بنزين» أكثر «فتغرس» السيارة أكثر!
- صنقور: أطالبك يا سيد بذكر المظاهر...
- الهاشمي: ذكر المظاهر ليس مفيدا.
- صنقور: لا، أريدك أن تذكر لي مظهرا أو مظهرين من تصرفاتنا.
- الهاشمي: ذكر المظاهر ليس مناسبا لي وليس مناسبا لك ولا إلى الدين، ولكن إذا كنت مصرا على ذكر المظاهر على رغم إنني لا أريد ذلك، فسأشير إلى سياسة (تفغيص) القوى الفاعلة وبدأت المسألة بالقوى الدينية مع الأسف على مبدأ «الاقربون أولى بالمعروف»!، وهناك قوى دينية كانت فاعلة في الساحة وهي ربما السبب فيما نتحدث فيه اليوم عن تشريعات في البرلمان، وهي القوى التي استطاعت أن تثبت نفسها واتت بضغوطاتها عبر البرلمان واليوم «فغصت» وجلست في بيوتها أو أنها مهمشة من المجتمع، واليوم أتى الدور على التيار العلماني «ليفغص» ويسحب إبراهيم شريف، وأنا أقولها بكل صراحة: من عندكم أيها المتدينون والتيار الديني كله بقضه وقضيضه...
- صنقور: وأنت لست منهم يعني؟!
- الهاشمي: بما فيهم أنا، من لديكم كإبراهيم شريف يستطيع أن يوثق سرقة الأراضي وغير ذلك بالاقتصاد وهو إنسان خبير؟، وعندما «تفغص» هذه القوى، وكلما أصبح لدينا في المجتمع خبير سواء كان دينيا أم علمانيا (نسبة إلى العلم)، ولا تنسون أن البعض ينسب العلمانية إلى العلم وليس فصل الدين عن الدولة، وأنا استغرب أننا نلغي من المعادلة 50 عاما من الوراء، والدليل على ذلك أن العلمانية صارت فيها مراجعات من الإسلاميين أنفسهم كالشيخ شمس الدين، ومراجعاته مشهورة في العلمانية وأعطى تفسيرا للعلمانية غير السائد عن المتدينين اليوم، وهناك من بدأ مراجعات جديدة مثل عبدالوهاب المسيري الذي لديه أكثر من كتاب عن العلمانية، والكتاب الأخير بجزءيه: «العلمانية الجزئية والعلمانية الشمولية»، وبينما الآخرون وقفوا عند الشهيد السيدمحمد باقر الصدر وبعضهم حتى لم يصل إلى هذا المستوى.
إن واحدا مثل إبراهيم شريف يساوي مئات الملايين - في نظري - من أمثال التيار التكفيري الذين يدعون التدين، ولنرَ مجلة «نيوزويك» في عددها ما قبل الأخير التي صدرت بعنوان: «حقائق نريد إنكارها» ومن ضمن هذه الحقائق النفسية والعلمية تقول: «يلجأ الناس إلى الإنكار عندما يدركون أن الحقيقة ستدمر شيئا عزيزا على قلوبهم، وستدمر شيئا كبيرا يعتقدون بصحته، ومع ذلك تنزلق السيارة ونحن نصفق ونقول: صح صح»!
وأقول يا شيخنا العزيز صنقور، أنت إنسان متدين، ولا اعلم أنت ربما تدعي الفقاهة أو هي ثابتة إليك، أين فقه الأولويات والمصالح التي تقتضي معارك مهمة وتخير معارك وهمية كما فعل حزب الله وكما فعلت إيران؟.
- صنقور: هذه هي معركة فكرية...
- الهاشمي: المعركة الفكرية تدور في القاعات والكتب، أما نحول المعركة الفكرية إلى «شيلات في مواكب العزاء الحسينية» ونحن لسنا مكلفين بأن كل خطأ فعله متدين أن نبحث له عن تبرير.
مراجعة الفكر الديني
ربما سيد من خلال دعوتك الصريحة إلى مراجعة الأفكار الدينية تقصد أنك شريعتي البحرين؟
- الهاشمي: أنا لست «شريعتي البحرين» وأنا استكثر على البحرين أن يكون لها مثل شريعتي.
تغيرات المسرح السياسي
ماذا بعد هتاف «فلتسقط العلمانية»... سؤال طرحه المفكر عبدالهادي خلف وقال علينا انتظار حدوث تغييرات جدية على مستوى المسرح السياسي في البحرين، وما هي هذه التغيرات؟
- مدن: لا أعلم إن كان ستترتب على هذا الشعار مفاهيم سياسية أم لا ولكنني ذكرت أن هناك خطأ في سلم الأولويات، ولا أعتقد أن على التيار الإسلامي إجمالا في البحرين، وخصوصا الذي يتبنى قضايا اجتماعية تهم الناس أن يدخل في صراع مع الجزء العلماني الذي يشترك معه في هذه القضايا، ولا يمكن أيضا بهتاف «تسقط العلمانية» أن يسقط التيار العلماني، ولا أعتقد في المقابل أن مكونا وجدانيا عميقا كالدين - وفي حالتنا (الإسلام) - يمكن أن يلغى بهذه البساطة، فهناك تضخيم ومبالغة وافتعال لعدو غير موجود، وهؤلاء الذين قد يعدهم البعض خصما من حيث يشعر أو لا يشعر هم من أوائل الذين ضحوا من أجل البحرين الأفضل، وقدموا في سبيل ذلك الدماء.
لن نقترب من الدولة أكثر بعد هذا الشعار
السؤال الموجه لشريف: هل أنتم في التيار العلماني ستقتربون إلى الدولة أكثر بعدما شعرتم بوجود هوة شاسعة مع الإسلاميين المتحالفين معكم؟
- شريف: هذا من المستحيل، فنحن في عروقنا تجري دماء المناضلين، ووحدة المناضلين هي أولويتنا، إذا جاز لنا أن نستخدم تعبير فقه الأولويات سياسيا، والمناضلون يجب أن يظلوا موحدين كما كانوا، وهناك صراع من ضمن الوحدة بمعنى أن الخلاف موجود ولا يمكن تغاضيه، ولست ضد أن يكون هناك خلاف فكري في حدوده، ولكنني وجدت أن السياق خرج عن دائرة الصراع الفكري ودخل حدود الصراع السياسي.
- صنقور: كان بالإمكان يا سيدي أن تغضوا الطرف، ولماذا هذه العجالة في الرد على خطاب الشيخ عيسى قاسم؟ وكان بالإمكان أن تتريثوا قليلا، فالشيخ - لمن يعرفه - لم يقل جديدا، وإذا كنتم فعلا أوسع صدرا من الإسلاميين كان من الممكن أن تمتصوا هذا الخطاب وتعتبروا انه حالة طارئة بدلا من أن تصلوا إلى هذا المستوى من الانفعال.
- صنقور لشريف: من هي مرجعيتك؟
هل أنتم نادمون على دعم أشخاص في الانتخابات كعبدالرحمن النعيمي وإبراهيم شريف وعبدالعزيز أبل، وهل ستدعمون هذه القوى مستقبلا؟
- صنقور: لسنا نادمين على دعم من يقف مع حقوق الناس في وجه الظلم، ولكن اختيار وتقدير التحالفات المستقبلية سؤال يجب أن يوجه إلى «الوفاق»، ولكن على المستوى التنظيري نحن كنا وسنظل ندعم كل شخصٍ يدافع عن حقوق الناس أيا كان توجهه، ولكن في الوقت ذاته لا أقبل أن يعترض على حكم الله في قانون مهم وخطير كأحكام الأسرة مثلا أو أن يرفض الضمانات الضرورية التي يطلبها العلماء ومنها مسألة المرجعية.
- شريف: أنا لا اقبل بمرجعية النجف.
- صنقور: وهل ترضى بمرجعية الأزهر؟
- شريف: ولا الأزهر…من قال إن الأزهر مرجعيتي؟
- صنقور: وما مرجعيتك إذا؟
- شريف: أنا اعتقد أن تصويت الأكثرية هو المعيار الذي ينظم الخلاف الاجتماعي، وهو الذي يجب أن يحتكم إليه الناس في زمن غياب المعصوم، ونحن نؤكد وقوفنا مع الحريات ونرفض مصادرتها.
- صنقور: إذا، الذي نفيتموه أقررتم به بأنفسكم... ونحن أيضا نقف مع حقوق الناس ومنها حقوق المرأة.
- الهاشمي: أنتم مع حق المرأة في الحجاب أم السفور؟
- صنقور: نحن نحمي حق المرأة في العفاف... ولن نقسر امرأة أن تلبس الحجاب.
- شريف (مقاطعا): لا تقسرون امرأة على لبس الحجاب في البحرين أم إيران؟
- صنقور: أنا بحريني يتحدث مع بحريني في البحرين، ولا أعلم لماذا نقحم إيران في هذه المسألة؟
لماذا هذه الحدية في التعاطي؟
وكيف تقرأ آثار شعار «فلتسقط» مستقبلا شيخ عبدالله؟
- العالي: إن شعار «فلتسقط العلمانية» بالتأكيد سينعكس انعكاسات سلبية على المجتمع وأكبر دليل ما أحدثه هذا الشعار من أثر، وهذا يذكرني بحوادث تعامل معها العلماء بشكل حدي وأظهرت نتائج سلبية، ومثلا طريقة تعاطي العلماء مع كادر الأئمة والمؤذنين ومع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومع قانون الأحكام الأسرية، وحدية المواقف أحدثت شرخا اجتماعيا واسعا.
من جهةٍ أخرى يجب أن نعترف بأننا فشلنا إلى حدٍ كبير وتمكنت الشيوعية وتمكنت العلمانية من الدخول في أوساطنا بسبب عدم قدرتنا على التصدي الجدي لهذه الثقافات وعدم اهتمامنا بإصلاح الذات، وعلى مستوى التيارات الإسلامية راقب كيف تنظر التيارات تجاه بعضها بعضا، وهناك حال عدائية وسببها الحدية في الخطاب، فنحن نعاني من خطاب اللحظة والضرورة، فالآن اقتضى الوضع السياسي أن نهتف ضد العلمانية طرحنا شعار «فلتسقط العلمانية»، في حين أننا نتجاهل الكثير من القضايا، وما الضير من أن تتحد القوى المختلفة فكريا، ولنجلس على مائدة الحوار.
« فلتسقط...» في ميزان الربح والخسارة
اسمحوا لنا أن نسأل جميع الضيوف: من المستفيد الأول من شعار «فلتسقط العلمانية»، ومن المتضرر أيضا؟
- صنقور: نحن المستفيدون واقعا بأن نخلق مفاصلة صريحة بين الإسلام والعلمانية، وهذا ليس نتيجة المعترك السياسي، فهناك رجال شرفاء طالبوا بحقوق الناس ولكن توهم بعض الناس ببساطتهم أن هؤلاء يجب أن يحتذى بهم سلوكا وفكرا أيضا، ونريد من خلال «تسقط العلمانية» أن نؤدب أولادنا على احترام الآخرين وأن نقدر لهم مواقفهم ولكن ليس على حساب الدين.
- العالي: إذا كانت هناك ثمة مخاوف حقيقية من خطر العلمانية في البحرين فلنجلس على طاولة حوار، وأما أن ترفع الشعار والسواد الأعظم من الشعب لديهم أوليات أخرى فلا أعتقد أن من طرح هذا الشعار وفّق الآن.
- مدن: المستفيد الحقيقي هو من يريد أن يغذي الصراع بين الناس، والمتضرر هم أولئك الشباب الذين سيقحمون في معركةٍ ليست معركتهم الحقيقية التي هي معركة الحقوق السياسية والدستورية، ولو كنت في محل الدولة أو كل القوى المعادية للإصلاح سأكون سعيدا بمثل هذا الجدل وسأعمل على أن يستمر طويلا.
- شريف: هناك معارك حقيقية وهناك معارك وهمية، وربما تكون القضية صحيحة ولكن الوهم في التوقيت، وفي البحرين ليس هناك خطر على الإسلام، والخطر الحقيقي هو من احتكار الثروة والسلطة والاستبداد.
- الهاشمي: من هو المتضرر عندما يصطدم الجبلان اللذان يقودان النضال السياسي نحو الإصلاح؟ وتؤسفني هذه الهشاشة التي أراها عند المتدنين والعلمانيين، والعلماني تضاف ثالثة حينما يخاطب يحيى «خذ الكتاب بقوة»، المنهج العلمي سيصلنا لطريق واحد كما هو احتكار السلطة والثروة والمعرفة، والأمر الآخر هو فوضى الفتاوى، وبرزت «فوضى الفتاوى»، ورأينا انه في أحد برامج القنوات الفضائية وصلنا إلى مستوى فتاوى مخزية للإسلام، وعلينا أن ننظم عملية إصدار الفتاوى.
وأنا أطالب بتقنين عملية الفتوى، وما أريد أن أؤكده أن الدين سيبقى، وكلما تطرف العلمانيون في سحق الدين سيكون ذلك سببا لانشداد الناس نحو الدين أكثر فأكثر، ونريد أن نجمع القوى الوطنية على مشروعٍ واحد، وفي المقابل أنا لا أنفي التجاوزات التي وقعت قي ربيع الثقافة وأنا قد شاهت الصور ولكن هل هذه معركتي مع شريف؟
هل «تسقط...» مقدمة لولاية الفقيه؟
العلمانيون يخشون من أن يكون خطاب قاسم مقدمة لما يرونه من فرض لولاية الفقيه بشكلها الإيراني؟
- صنقور: الطرح لم يكن سياسيا، بل كان ولايزال وسيبقى طرحا فكريا، وهذا المعترك سيظل فكريا، ولم يأت حديث الشيخ بشيء جديد. لسنا في صدد الحديث عن فرض ولاية الفقيه وإنما حاكمية الإسلام ولزوم الالتزام بشريعة الله في جميع مفاصل الحياة والشيخ لم يتحدث عن فرض ولاية الفقيه.
وأريد أن اؤكد ختاما على أن الرسول الأعظم (ص) كان رجل التسامح والحوار مع الاتجاهات والأديان، وكان يدعو إلى المجادلة بالتي هي أحسن وكان مثالا للتحالف والتواد، ولكن هذا لم يمنعه من أن ينقد الفكر المواجه للإسلام وهو الهم الأول في جميع ممارسته، ونحن نستن بسنة الرسول (ص).
الإسلام هو أولا
الإسلام لدينا أولا - الكلام مازال لصنقور - وهذا البلد مسلم ونريد أن نحافظ على هويته الفكرية والاجتماعية والثقافية، وكل الأمور الأخرى مهمة ولكنها تأتي في مرتبة ثانية، ومن أولوياتنا أيضا المحافظة على هذا الوئام في مواجهة الظلم وهذا مورد اعتناء وسنحرص على أن نتكاتف من أجل استئصال أو التخفيف من حدة الظلم والتمييز ولكن هذا لن ينسينا أن الإسلام هو أولا.
العدد 1770 - الأربعاء 11 يوليو 2007م الموافق 25 جمادى الآخرة 1428هـ