أحسب أن المعلمين الذين طرقوا كل الأبواب حتى النوافذ أيضا لتحسين أوضاعهم وزيادة رواتبهم أصيبوا بالضغط أو ارتفاع الحموضة في المعدة، وهم يقرأون تصريح النائب عبدالجليل خليل الذي نشرته «الوسط» أمس، والذي كشف فيه عن أن كادر المعلمين كلف الدولة في العام 2007 نحو 2.5 مليون دينار، على حين كلف كادر العسكريين الدولة في العام نفسه نحو 27 مليون دينار!
لا نريد أن نفهم من تلك المقارنة أن «غترة» المعلم تقل أهمية عن البزة العسكرية بأكثر من عشر مرات! ولا نريد أن نفهم أن المعلمين القائمين على تخريج العسكريين وغير العسكريين منذ نعومة أظفارهم لا يستحقون إضافة نصف مليون أو ما يزيد قليلا لكادرهم؛ لأن الموازنة التي صرفت على كادر العسكريين (27مليون دينار) منهكة، وأن هؤلاء المعلمين المشاكسين لا يمدون أرجلهم بقدر لحافهم وإنما يريدون أن يمدوها إلى لحاف إخوتهم العسكريين! لا نريد أن نفهم من مقارنة النائب ذلك، ولكن نريد أن نفهم شيئا آخرَ يبعدنا عن هذا الوهم الذي يعيش فيه كل من يطلع على هذه المقارنة!
لا حاجة إلى الاستطراد في تفاصيل موازنة الأمن والدفاع؛ لتجنب اتهام الخوض في الأسرار العسكرية، ولكن إعادة النظر في توزيع الموازنة أمر لابد من إعارته شيئا من الاهتمام، ولابد من الإيمان بأن إعطاء التعليم والإسكان والصحة وسائر الخدمات حقها من الموازنة العامة هو جزء أساسي من الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار.
ما يبعث على الاستغراب أن تصرف الولايات المتحدة الأميركية على الدفاع ما لا يزيد على 4 في المئة من الناتج المحلي الأميركي وهي القوة العظمى في العالم، وأن تصرف البحرين 22 في المئة من موازنتها لصالح الأمن والدفاع وهي إحدى الدول العشر الأصغر بين دول العالم، على حين تصرف على التعليم 13 في المئة والصحة والإسكان، لكل منهما 9 في المئة فقط!
الوقوف للمعلم وتوفيته التبجيل والاحترام، بيت لا يجب أن يتعلمه التلاميذ في مراحلهم الدراسية الأولى فحسبُ، بل يجب أن يتعلمه غيرهم من الكبار أيضا، فالتلاميذ وقفوا كثيرا للمعلم عندما يدخل عليهم الفصل بل شبعوا وقوفا، وفهموا جيدا أنه كاد أن يكون رسولا! ولكن الجهات التي ترعى المعلمين لم تفهم ذلك بعد، وليس المعلم بالنسبة إليهم إلا شيئا من الحاجيات ولا هو رسول ولا هم يحزنون!
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1769 - الثلثاء 10 يوليو 2007م الموافق 24 جمادى الآخرة 1428هـ